للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان إبراهيم يرخص أن يكتحل الصائم بالصَّبِر (١)» (٢).

الدليل العاشر: ولأن ما وجد من الطعم في حلقه هو أثر الكحل لا عينه؛ كمن ذاق شيئا من الأدوية المُرّة فإنه يجد طعمه في حلقه، وهو قياس الغبار والدخان.

وإن وصل عين الكحل إلى باطنه، فلا يَضرّه أيضا؛ لأنه وصل من قِبَل المَسامّ (٣) لا من قِبَل المسالك؛ لأنه ليس بين العين والحلق مسلك؛ فهو نظير الصائم يَشْرَع في الماء فيجد برودة الماء في كبده (٤).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن من اكتحل وهو صائم أفطر.

الدليل الأول: عن مَعْبَد بن هَوْذة (٥) - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالإثمد الْمُرَوَّحِ (٦) عند النوم, وقال: «ليتقه الصائم» (٧).

الدليل الثاني: عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: «الفطر مما دخل، والوضوء مما خرج» (٨).


(١) الصَّبِر: الدواء المر, وأصله: عصارة شجر مر، واحدته صَبرة، والجمع: صُبور. ينظر: مختار الصحاح ١/ ٣٧٥, تاج العروس ١٢/ ٢٨٠.
(٢) رواه أبو داوود ٢/ ٣١٠ رقم ٢٣٧٩, في الصوم, باب في الكحل عند النوم للصائم, وقال الألباني في صحيح أبي داود ٧/ ١٤٠: "حسن".
(٣) المَسامّ: هي منافذ الجسم. ينظر: كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم ٢/ ١٥٢٦
(٤) ينظر: المبسوط ٣/ ٦٧، تحفة الفقهاء ١/ ٣٦٦، البناية ٤/ ٤١، الحاوي ٣/ ٤٦٠, المغني ٣/ ١٢٢.
(٥) هو: مَعْبَد بْنُ هَوْذَة الأنصاري, جد عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة, روى حديثه عبد الرحمن بن النعمان بن معبد عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فِي الاكتحال بالإثمد عِنْدَ النوم. ينظر: معرفة الصحابة ٥/ ٢٥٢٦, الاستيعاب ٣/ ١٤٢٨, تهذيب الكمال ٢٨/ ٢٤٠.
(٦) المُرَوَّح: أي المطيب بالمسك, كأنه جعل له رائحة تفوح. ينظر: النهاية ٢/ ٦٥٨, غريب الحديث ١/ ٣٢٨.
(٧) رواه أبو داود ٢/ ٣١٠ رقم ٢٣٧٧, في الصيام, باب في الكحل عند النوم للصائم, وقال: "قال لي يحيى بن معين هو حديث منكر يعني حديث الكحل", واللفظ له, وأحمد في المسند ٢٥/ ٤٧٤ رقم ١٦٠٧٢, وقال شعيب الأرناؤوط: "إسناده ضعيف". وقال الألباني في الإرواء ٤/ ٨٥: "منكر".
(٨) رواه البخاري معلقا مجزوما به ٣/ ٣٣, ووصله: ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٣٠٨ رقم ٩٣١٩, والبيهقي في السنن الصغرى ٢/ ١٠١ رقم ٥٦٦, باب الحجامة للصائم, وصححه الألباني في الإرواء ٤/ ٧٩ رقم ٩٣٣.

<<  <   >  >>