للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولا: أما استدلالهم بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - والذي فيه نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال إلى السحر، فيجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أن رواية: «يواصل إلى السحر»، (رواية شاذة) (١)؛ لأن جميع من روى هذا الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - رواه دون قوله: «إلى السحر»، ولم يروها إلا عبيدة بن حميد (٢)، فكان المحفوظ رواية الأكثر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (٣).

الوجه الثاني: وعلى تقدير أن تكون رواية عبيدة محفوظة فيجمع بين هذه الرواية وحديث أبي سعيد الخدري ¢ بأن يكون النهي عن الوصال أولا جاء مطلقا، سواء في ذلك جميع الليل أو بعضه، ثم خُصّ النهي بجميع الليل، فأباح الوصال إلى السحر. فيُحمَل حديث أبي سعيد ¢ على هذا، وحديث عبيدة على الأول (٤).

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث عمر - رضي الله عنه - والذي فيه: «فقد أفطر الصائم»، فيجاب عنه:

أن المراد بـ: «أفطر» دخل في وقت الإفطار، لا أنه صار مفطرا حقيقة؛ لأنه لو صار مفطرا حقيقة لما ورد الحث على تعجيل الإفطار، ولا النهي عن الوصال، ولا استقام الإذن بالوصال إلى السحر (٥).

والله أعلم.


(١) المحفوظ والشاذ: إن خولف بأرجح منه: لمزيد ضبط، أو كثرة عدد، أو غير ذلك من وجوه الترجيحات، فالراجح يقال له: "المحفوظ". ومقابله، وهو المرجوح، يقال له: "الشاذ". ينظر: نزهة النظر ص ٨٤.
(٢) هو عُبَيدة بن حميد بن صهيب التَّيْمِيّ الحذاء رَوَى عَن: الأسود بْن قَيْس، وحميد الطويل, وغيرهما، وعنه: أحمد بن حنبل، وسفيان الثوري, وغيرهما, توفي سنة: ٩٠ هـ. صدوق ربما أخطأ. ينظر: تهذيب الكمال ١٩/ ٢٦٠ وتهذيب التهذيب ٧/ ٨٢، وتقريب التهذيب ص ٣٧٩.
(٣) ينظر: فتح الباري ٤/ ٢٠٩، وعمدة القاري ١١/ ٧٦.
(٤) المصدران السابقان.
(٥) ينظر: سبل السلام ١/ ٥٦٦.

<<  <   >  >>