للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن قوله: «فقد أفطر الصائم» أي: صار مفطرا حقيقة، فلا معنى حينئذ للوصال (١).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه يجوز الوصال من سحر إلى سحر بلا كراهة.

الدليل الأول: عن أبي سعيد - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر» (٢).

وجه الاستدلال: فهذا الحديث صريح في إذنه - صلى الله عليه وسلم - بالوصال إلى السحر (٣).

الدليل الثاني: عن علي - رضي الله عنه -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يواصل من سحر إلى سحر» (٤).

وجه الاستدلال: أن الحديث نص على أن الإمساك من سحر إلى سحر يسمى وصالا، وقد أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه وفعله فيكون نهيه عن الوصال عام، وإذنه بالوصال إلى السحر خاص فيبنى العام على الخاص (٥).

الدليل الثالث: ولأن هذا الوصال الذي أذن فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يترتب عليه شيء مما يترتب على غيره، إلا أنه في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه يؤخره؛ لأن الصائم له في اليوم والليلة أكلة, فإذا أكلها في السحر كان قد نقلها من أول الليل إلى آخره, وكان أخف لجسمه في قيام الليل (٦).

الترجيح: الذي يترجح -إن شاء الله- هو القول الثاني: أنه يجوز الوصال إلى السحر بلا كراهة، -وإن كان تعجيل الفطر هو الأفضل-؛ لورود النص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإذن في ذلك.

وأما ما استدل به أصحاب القول الأول فيجاب عنه بما يلي:


(١) ينظر: شرح الزرقاني على الموطأ ٢/ ٢٦٨.
(٢) رواه البخاري ٣/ ٣٨ رقم ١٩٦٧, كتاب الصوم, باب الوصال إلى السحر.
(٣) ينظر: التبصرة ٢/ ٧٨٠، التمهيد ١٤/ ٣٦٢، الفروع ٥/ ٩٦، سبل السلام ١/ ٥٦٦.
(٤) رواه أحمد في مسنده ٢/ ١٠٩ رقم ٧٠٠، والطبراني في المعجم الكبير ١/ ١٠٩ رقم ١٨٥، واللفظ له, وعبد الرزاق في المصنف ٤/ ٢٦٧ رقم ٧٧٥٢، كتاب الصيام, باب الوصال, وابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٣٣١ رقم ٩٥٨٩، كتاب الصيام, باب ما قالوا في الوصال في الصيام من نهي عنه, وقال في مجمع الزوائد ٣/ ١٥٨ رقم ٤٩٠١: "رجاله رجال الصحيح", وقال محققو المسند: "حسن لغيره".
(٥) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٥٩، وإرشاد الساري ٣/ ٣٩٨.
(٦) ينظر: فتح الباري ٤/ ٢٠٤.

<<  <   >  >>