للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السبب الأول: اختلافهم في معنى قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (١)، هل هو باقي على عمومه أو هو مخصوص؟ (٢).

والسبب الثاني: هل يستصحب حال إباحة الأكل والشرب أو يستصحب حال وجوب الصيام؟ (٣).

أدلة القول الأول: القائلين بأن من شك في طلوع الفجر ثم أكل أو شرب لم يجب عليه القضاء.

الدليل الأول: قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (٤).

وجه الاستدلال: أن الله سبحانه وتعالى قد مد الأكل والشرب إلى غاية التبين، ومن أكل أو شرب وهو شاك؛ فقد أكل قبل أن يتبين له الخيط الأبيض، فكان المعنى: جواز اتصال الأكل والشرب بطلوع الفجر (٥).

الدليل الثاني: عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن بلالا ينادي بليل, فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم»، ثم قال: وكان رجلا أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت. (٦).

وجه الاستدلال: أن في الحديث جواز الفطر إلى طلوع الفجر، وبالتالي جواز الأكل مع الشك في طلوعه؛ لأن الأصل بقاء الليل (٧).

الدليل الثالث: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه» (٨).


(١) سورة البقرة: آية: ١٨٧.
(٢) ينظر: مناهج التحصيل ٢/ ١٠٦.
(٣) ينظر: التنبيه على مبادئ التوجيه ٢/ ٧٠٣.
(٤) سورة البقرة: آية: ١٨٧.
(٥) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٤٩٦ - ٥٣٢، الاستذكار ٣/ ٣٤٥، المغني ٣/ ١٤٨.
(٦) أخرجه البخاري ١/ ١٢٧ رقم ٦١٧, في الصوم, باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره, واللفظ له, ومسلم ٢/ ٧٦٨ رقم ١٠٩٢, في الصيام, باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل ...
(٧) ينظر: المسالك شرح الموطأ ٢/ ٣٣٩, وشرح الزرقاني للموطأ ١/ ٢٨٩.
(٨) رواه أبو داود ٢/ ٣٠٤ رقم ٢٣٥٠, في الصوم, باب في الرجل يسمع النداء والإناء على يده, وأحمد ١٦/ ٣٦٨ رقم ١٠٦٢٩, وقال الألباني في صحيح أبي داود ٧/ ١١٥: "إسناده حسن صحيح".

<<  <   >  >>