للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي ذلك عن: علي ابن أبي طالب، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله بن مسعود، - رضي الله عنهم - , ومسروق (١)، وهو اختيار الشيخ.

سبب الخلاف: هو اختلافهم في معنى قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (٢)، هل المانع عن الأكل والشرب هو طلوع الفجر نفسه، أو هو تبينه عند الناظر إليه، وعليه فيكون من لم يتبينه، مباح له الأكل والشرب حتى يتبين، وإن كان الفجر قد طلع (٣).

أدلة القول الأول: القائلين بأن المعتبر في تحريم الأكل والشرب طلوع الفجر.

الدليل الأول: قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (٤).

وجه الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: في قوله: {الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ} , فلو كان المراد به التبيُّن بانتشار الضوء، لقيل: الخيط الأحمر؛ لأن الضوء إذا انتشر ظهرت الحُمرة (٥).

الوجه الثاني: قوله: {الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} دليل على أنه يتميز أحد الخيطين من الآخر, وإذا انتشر الضوء؛ لم يبق هناك خيط أسود (٦).

الدليل الثاني: عن سَهْل بن سَعد (٧) - رضي الله عنه -؛ قال: «أُنزِلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} , ولم ينزل: {مِنَ الْفَجْرِ} , فكان رجال إذا أرادوا الصوم؛ ربط


(١) ينظر: الإشراف لابن المنذر ٣/ ١١٨, المجموع ٦/ ٣٠٥, المغني ٣/ ١٠٥.
(٢) سورة البقرة: آية: ١٨٧.
(٣) ينظر: بداية المجتهد ٢/ ٥١.
(٤) سورة البقرة: آية: ١٨٧.
(٥) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٥٣٠.
(٦) ينظر المصدر السابق.
(٧) هو: سَهْل بن سَعْد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي، أبو العباس المدني، من مشاهير الصحابة, روى عنه: ابنه العباس, وأبو حازم, والزهري, وغيرهم, وقيل: هو آخر من بقي بالمدينة من الصحابة، وله في كتب الحديث ١٨٨ حديثا, توفي سنة ٩٦ هـ أو بعدها. ينظر: معرفة الصحابة ٣/ ١٣١٢، والاستيعاب ٢/ ٦٦٤، سير أعلام النبلاء ٣/ ٤٢٢, تهذيب التهذيب ٤/ ٢٥٣.

<<  <   >  >>