للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود, ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما, فأنزل الله بعدُ: {مِنَ الْفَجْرِ} , فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار» (١).

وجه الاستدلال: إن بعض الصحابة كانوا أولا يربط أحدهم في رجليه خيطا أبيض وخيطا أسود, ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فنزل قوله: {مِنَ الْفَجْرِ}؛ لرفع هذا التوهم (٢).

الدليل الثالث: وعن عدي بن حاتم (٣) - رضي الله عنه -؛ قال: لما نزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}؛ عمدت (٤) إلى عِقالين (٥)؛ عقال أبيض وعقال أسود, فوضعتهما تحت وِسادتي (٦) , فجَعلتُ أقوم الليل فلا يتبين لي, فلما أصبحتُ؛ ذكرتُ ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - , فقال: «إن وِسادك لعريض (٧)

, إنما هو بياض النهار من سواد الليل» (٨).


(١) أخرجه البخاري ٣/ ٢٨ رقم ١٩١٧, كتاب الصوم, باب قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} , ومسلم ٢/ ٧٦٧ رقم ١٠٩١, كتاب الصيام, باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، وأن له الأكل وغيره حتى يطلع الفجر ...
(٢) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٥٣٠، وعمدة القاري ١٠/ ٢٩٥، ونخب الأفكار ٨/ ٢٦٣.
(٣) هو: عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن حشرج، أبو طريف ويقال أبو وهب الطائي, الجواد بن الجواد, روى عنه: عمرو بن حريث, وعبد الله بن معقل, والشعبي, وغيرهم, كان رئيس طيئ في الجاهلية والإسلام، شهد فتح العراق، والجمل، وصفين، والنهروان مع علي - رضي الله عنه -، توفي سنة ٦٨ هـ بالكوفة. ينظر: معرفة الصحابة ٤/ ٢١٩٠، وتهذيب التهذيب ٧/ ١٦٦، سير أعلام النبلاء ٣/ ١٦٢.
(٤) عَمَدت: أي قصدت، تقول: عَمَدت للشيء أَعْمِدُ عَمْدًا: أي قصدت له. ينظر: تهذيب اللغة ٢/ ١٥١، الصحاح ٢/ ٥١١، مجمل اللغة لابن فارس ١/ ٦٢٨.
(٥) العِقَال: الحبل الذي يُعقل به البعير. ينظر: النهاية ٣/ ٢٨٠، تهذيب اللغة ١/ ١٦٠، وغريب الحديث للخطابي ٢/ ٤٨.
(٦) الوِسادُ والوِسادة: المِخَدَّة. والجمع: وَسائِدُ, وهو ما يجعل تحت الرأس. ينظر: النهاية ٥/ ١٨٢، والصحاح ٢/ ٥٥٠، ولسان العرب ٣/ ٤٥٩.
(٧) قوله: «إن وسادك لعريض»، فسرت بعدة تفاسير, وأولاها والله أعلم: إن وسادك إن كان يغطي الخيطين اللذين أراد الله فهو إذا عريض واسع، ولهذا قال في إثر ذلك: «إنما هو سواد الليل وبياض النهار»، فكأنه قال: فكيف يدخلان تحت وسادتك؟ . ينظر: فتح الباري ٤/ ١٣٣، عمدة القاري ١٠/ ٢٩٤ ..
(٨) رواه البخاري ٣/ ٢٨ رقم ١٩١٦, كتاب الصوم, باب قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} , ومسلم ٢/ ٧٦٦ رقم ١٠٩٠, كتاب الصيام, باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، وأن له الأكل وغيره حتى يطلع الفجر ...

<<  <   >  >>