للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يقال أيضا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها بالقضاء، وقد أمر الأعرابي بالقضاء؛ لعلمه بأن حكمها حكمه, فما حمل عليه ترك ذكر القضاء؛ حمل عليه ترك ذكر الكفارة (١).

ثانيا: وأما قولهم: إن الجماع فعل واحد لا يتم إلا بهما فأجزأت فيه كفارة واحدة، فيجاب عنه:

أنه لا يخلو إيجابكم الكفارة الواحدة من أحد أمرين: إما أن تجب على الزوج وحده، أو تجب عليهما معا. فيبطل أن تجب على الزوج وحده؛ لاشتراكهما في موجب الكفارة وهو الوطء، ويبطل أن تجب عليهما معا؛ لأنه يقتضي أن يلزم كل واحد منهما نصف كفارة، وهذا خلاف الأصول (٢).

ثالثا: وأما قولهم: إنه حق في مال يتعلق بالوطء فوجب أن يختص الزوج بتحمله كالمهر، فيجاب عنه:

أن قياس الكفارة على المهر قياس مردود، للفرق بينهما، لأن التحمل في النكاح إنما يجري في مؤن الزوجية، ولا يجري في العبادات والعقوبات (٣).

رابعا: وأما قولهم: إن الكفارة هنا إنما وجبت لأجل الإصابة والوقوع على المرأة وجماعها، والجماع إنما يفعله الرجل وحده، وإنما المرأة ممكنة من الفعل ومحل له، والكفارة لم تُوجَب لذلك، فيجاب عنه:

بأن السبب جناية الإفساد لا نفس الوقاع، وقد شاركته فيها (٤).

والله أعلم.


(١) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٣٢٧، وشرح البخاري لابن بطال ٤/ ٧٨، والتوضيح لابن الملقن ١٣/ ٢٦٩.
(٢) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٢٥.
(٣) المبسوط للسرخسي ٣/ ٧٣.
(٤) ينظر: الهداية للمرغيناني ١/ ١٢٢.

<<  <   >  >>