للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلا أفطر في رمضان، أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينا (١).

وجه الاستدلال: أن الحديث جاء على التخيير؛ إذ موضوعية (أو) في كلام العرب للتخيير في غالب الاستعمال (٢).

الدليل الثاني: ولأنها كفارة وجبت من غير عمد ولا إتلاف، فكانت على التخيير؛ أصله كفارة اليمين (٣).

الدليل الثالث: ولأنها تجب بالمخالفة، فكانت على التخيير؛ ككفارة اليمين (٤).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنها على الترتيب.

الدليل الأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلكت. قال: «وما شأنك؟ » قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: «تستطيع تعتق رقبة» قال: لا. قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين» قال: لا. قال: «فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا» قال: لا. قال: «اجلس» فجلس، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه تمر -والعرق المكتل الضخم- قال: «خذ هذا فتصدق به» قال: أعلى أفقر منا؟ فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه، قال: «أطعمه عيالك» (٥).

وجه الاستدلال: أن استفهام النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا الترتيب يوجب ترتيب الإيجاب في الكفارة على حسب ما وقع في السؤال ويكون ذلك كالكفارة في الظهار (٦).

قال ابن دقيق العيد: "واستُدِلّ على الترتيب في الوجوب بالترتيب في السؤال، وقوله أولا: «هل تجد رقبة تعتقها»؟ ثم رتب الصوم بعد العتق، ثم الإطعام بعد الصوم" (٧).


(١) سبق تخريجه صفحة (٣٧٩).
(٢) ينظر: مناهج التحصيل ٢/ ١٤٦، والمعونة ص ٤٧٨, والمغني ٣/ ١٤٠.
(٣) ينظر: المعونة ص ٤٧٨.
(٤) ينظر: المغني ٣/ ١٤٠.
(٥) سبق تخريجه صفحة (٣٦٣).
(٦) ينظر: المعلم ٢/ ٥٣، وفتح الباري ٤/ ١٦٧.
(٧) إحكام الأحكام ٢/ ١٥، وينظر: تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة ١/ ٤٩٨، شرح المشكاه للطيبي ٥/ ١٥٩٢، وفتح الباري ٤/ ١٦٧.

<<  <   >  >>