للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: ولأن الترتيب زيادة، والأخذ بالزيادة متعين (١).

الدليل الثالث: ولأنها كفارة فيها صوم شهرين متتابعين، فكانت على الترتيب؛ ككفارة الظهار والقتل (٢).

الدليل الرابع: ولأنها إذا وجبت على المظاهر على وجه الترتيب، فعلى المجامع في رمضان أولى؛ لأن ذنب المُجامِع أعظم؛ وذلك أن التحريم في الظهار ثبت بقول المكلف, وهنا ثبت بتحريم الله ابتداءً (٣).

الدليل الخامس: ولأن الكفارات في الشرع نوعان: نوع بدئ فيه بالأغلظ فكان الترتيب فيه واجبا، مثل كفارة الظهار والقتل، فقد بدئ فيها بالعتق. ونوع بدئ فيه بالأخف، فكان التخيير فيه مستحقا مثل كفارة اليمين بدئ فيها بالإطعام. ثم وجدنا كفارة الجماع بدئ فيها بالأغلظ، وهو العتق؛ فوجب أن يكون الترتيب فيها مستحقا (٤).

الدليل السادس: ولأنه إمساكٌ عن محظوراتٍ تجب بالوطء، وجَب فيه الكفارة؛ فكانت على الترتيب؛ ككفارة المجامع في إحرامه (٥).

الراجح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الثاني: أن الكفارة على الترتيب؛ وذلك لوجوه:

الوجه الأول: أن رواية الترتيب في حديث الأعرابي مُرجَحة على رواية التخيير؛ وذلك لما يلي:

أولا: لأن الذين رووا الترتيب أكثر ممن روى التخيير، فإن الذين رووا الترتيب هم تمام ثلاثين نفسا أو أزيد (٦).

ثانيا: ولأن راوي الترتيب حكى لفظ القصة على وجهها، فمعه زيادة علم من صورة الواقعة، وراوي التخيير حكى لفظ راوي الحديث، فدل على أنه من تَصرُّف بعض الرواة، إما لقصد الاختصار أو لغير ذلك (٧).


(١) ينظر: المغني ٣/ ١٤١.
(٢) ينظر: المغني ٣/ ١٤١، وينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين ١/ ٢٦٠.
(٣) ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام ١/ ٢٩٥ - ٢٩٦.
(٤) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٣٢ - ٤٣٣.
(٥) ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام ١/ ٢٩٦.
(٦) ينظر: المجموع ٦/ ٢٩٣, فتح الباري ٤/ ١٦٧، عمدة القاري ١١/ ٣٤، نيل الأوطار ٤/ ٢٥٥.
(٧) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٦٧ - ١٦٨، والتوضيح لابن الملقن ١٣/ ٢٦٧.

<<  <   >  >>