للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هل تقيد الرقاب -التي جاءت مطلقة- بصفة الإيمان، أو تبقى على إطلاقها؟ (١).

أدلة القول الأول: القائلين بأنه يشترط أن تكون الرقبة مؤمنة.

الدليل الأول: عن معاوية بن الحَكَم (٢) - رضي الله عنه - قال: كانت لي جارية فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: علي رقبة أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أنا؟ » فقالت: أنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال - صلى الله عليه وسلم -: «اعتقها فإنها مؤمنة» (٣).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علل جواز إعتاقها عن الرقبة التي عليه بأنها مؤمنة، فدل على أنه لا يجزئ عن الرقبة التي عليه إلا مؤمنة (٤).

قال الماوردي: "فكان الدليل في هذا الخبر من وجهين:

أحدهما: اعتبار الإيمان، ولو لم يكن شرطا لَما اعتبره. والثاني: تعليقُه بالإجزاء" (٥).

الدليل الثاني: ولأنه إعتاقٌ على وجه القُربة، فوجب أن تكون مسلمة؛ أصله الإعتاق في كفارة القتل (٦).

الدليل الثالث: ولأن المقصود من إعتاق المسلم: تفريغُه لعبادة ربه، وتخليصُه من عبودية المخلوق إلى عبودية الخالق. ولا ريب أن هذا أمر مقصود للشارع، محبوب له، فلا يجوز إلغاؤه. وكيف يستوي عند الله ورسوله تفريغ العبد لعبادته وحده، وتفريغه لعبادة الصليب، أو الشمس والقمر والنار! (٧).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه لا يشترط كون الرقبة مؤمنة بل تجوز الكافرة.


(١) ينظر: بداية المجتهد ٣/ ١٢٩، وبدائع الصنائع ٥/ ١١٠.
(٢) هو: معاوية بن الحكم السلمي المدني، روى عنه: ابنه كثير, وعطاء بن يسار, وأبو سلمة بن عبد الرحمن, له حديث في الكهانة والطيرة والخط وتشميت العاطس وعتق الجارية. ينظر: الإصابة ٦/ ١١٨, الاستيعاب ٣/ ١٤١٤, تهذيب التهذيب ١٠/ ٢٠٥.
(٣) رواه مسلم ١/ ٣٨١ رقم ٥٣٧, كتاب المساجد ومواضع الصلاة, باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحته.
(٤) ينظر: المغني ٨/ ٢٢، وشرح الزركشي ٥/ ٤٩٢.
(٥) الحاوي الكبير ١٠/ ٤٦٣ - ٤٦٤، وينظر: زاد المعاد ٥/ ٣٠٨.
(٦) ينظر: بداية المجتهد ٣/ ١٢٩، المغني ٨/ ٢٢.
(٧) ينظر: زاد المعاد ٥/ ٣٠٨.

<<  <   >  >>