للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (١).

الدليل الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم - للمجامع في رمضان: «هل تجد رقبة تعتقها» (٢).

وجه الاستدلال من الآية والحديث: أن الله تعالى أطلق الرقبة في هذه الكفارة، فوجب أن يجزئ ما تناوله الإطلاق (٣).

وجاءت مطلقة أيضا في الحديث، فلو كان شيء من الرقاب التي تُعتق لا يُجزئ في ذلك لبَيَّنه - عليه السلام - (٤).

قال ابن رشد: "وأما حجة أبي حنيفة فهو ظاهر العموم، ولا معارضة عنده بين المطلق والمقيد، فوجب عنده أن يُحمَل كلٌّ على لفظه" (٥).

فتُحمَل في كفارة القتل على المؤمنة؛ لأنها جاءت مقيدة بصفة الإيمان، وتبقى في بقية الكفارات على إطلاقها، فتشمل المؤمنة والكافرة.

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يشترط كون الرقبة المُعتقة في كفارة الجماع في رمضان مؤمنة؛ والذي يظهر والعلم عند الله أن هذا التقييد بكونها مؤمنة ليس من باب القياس، وإنما هو من باب حمل المطلق على المقيد؛ وذلك أنه سبحانه وتعالى قيد الرقبة بالإيمان في كفارة القتل وأطلقها في باقي الكفارات، فيجب صرف المطلق إلى المقيد (٦).

أما استدلال أصحاب القول الثاني: بآية الظهار، وحديث المجامع في رمضان، وأن الرقبة جاءت مطلقة فيهما فتبقى على إطلاقها، فيجاب عنه:

أن لسان العرب يقتضي حمل المطلق على المقيد إذا كان من جنسه، فيُحمَل عُرْف الشرع على مقتضى لسانهم (٧).


(١) سورة المجادلة: آية: ٣.
(٢) سبق تخريجه صفحة (٣٦٣).
(٣) ينظر: بدائع الصنائع ٥/ ١١٠، المغني ٨/ ٢٢، شرح الزركشي ٥/ ٤٩٢.
(٤) ينظر: المحلى ٤/ ٣٢٨، بدائع الصنائع ٥/ ١١٠.
(٥) بداية المجتهد ٣/ ١٢٩.
(٦) ينظر بداية المجتهد ٣/ ١٢٩.
(٧) ينظر: زاد المعاد ٥/ ٣٠٧.

<<  <   >  >>