للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام الشافعي: "شَرَطَ الله عز وجل في رقبة القتل مؤمنةً، كما شَرَطَ العَدْلَ في الشهادة، وأطلق الشهودَ في مواضع. فاستدللنا على أن ما أَطْلَق على معنى ما شَرَطَ. وإنما رَدّ الله تعالى أموال المسلمين على المسلمين لا على المشركين. وفَرَضَ الله تعالى الصدقات، فلم تَجُز إلا للمؤمنين، فكذلك ما فَرَضَ الله مِن الرقاب، فلا يجوز إلا مِن المؤمنين" (١).

فاستدل الإمام الشافعي بأن لسان العرب وعُرْفَ خطابهم يقتضي حَمْلَ المطلق على المقيد إذا كان مِن جنسه، فيُحمَلُ عُرْفُ الشرع على مقتضى لسانهم. وقد قَيَّد الله تعالى كَفّارة القتل بالإيمان، والمطلق هنا كفارة الجِماع، فوجب أن يُحمَل مطلقُها على ما قُيِّد من كَفّارة القتل، كما أنَّ الله سبحانه وتعالى قَيَّد الشهادة بالعدالة في قوله سبحانه وتعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٢)، وأطلقها في قوله عز وجل: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (٣)، فحُمِل المطلق على المقيد في اشتراط العدالة، كذلك الكَفَّارة (٤).

والله أعلم.


(١) مختصر المزني ٨/ ٣٠٩.
(٢) سورة الطلاق: آية: ٢.
(٣) سورة البقرة: آية: ٢٨٢.
(٤) ينظر: الحاوي الكبير ١٠/ ٤٦٢.

<<  <   >  >>