للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما في النفل فالمُزيل للكراهة ضم غيره إليه، أو موافقته عادة ونحو ذلك. ويؤيد هذا ما تقدم من إذنه - صلى الله عليه وسلم - لمن صام الجمعة أن يصوم السبت بعدها، وصيامه - صلى الله عليه وسلم - السبت والأحد كما سبق، والجمع مهما أمكن أولى من النسخ (١).

أدلة القول الثاني: القائلين بجواز صيام يوم السبت مطلقا.

الدليل الأول: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس» (٢).

الدليل الثاني: عن أم سلمة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد وكان يقول: «إنهما يوما عيد للمشركين وأنا أريد أن أخالفهم» (٣).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان يحب موافقة أهل الكتاب في ما لم يؤمر فيه» (٤)، في أول الأمر, ثم خالفهم في آخر الأمر, والنهي عن صوم يوم السبت يوافق الحالة الأولى, وصيامه إياه يوافق الحالة الثانية, فيكون حديث النهي عن صيام السبت منسوخ (٥).

كما أن حديث أم سلمة دال على استحباب صوم السبت والأحد؛ مخالفة لأهل الكتاب، وظاهره صوم كل على الانفراد والاجتماع (٦).

أدلة القول الثالث: القائلين بكراهة صيام يوم السبت في غير فريضة مطلقا.

استدل أصحاب هذا القول بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصوموا يوم السبت إلا في ما افترض عليكم, فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب أو لحى شجرة فليمضغه» (٧).

وجه الاستدلال: فقوله: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم» دليل على المنع من صومه في غير الفرض مفردا أو مضافا؛ لأن الاستثناء دليل التناول، وهو يقتضي أن


(١) ينظر: تهذيب السنن ٧/ ٥١، اقتضاء الصراط المستقيم ٢/ ٧٧، نيل الأوطار ٤/ ٢٩٨.
(٢) سبق تخريجه صفحة (٤١٩).
(٣) سبق تخريجه صفحة (٤١٩).
(٤) الحديث أخرجه البخاري ٧/ ١٦٢ رقم ٥٩١٧, كتاب اللباس باب الفرق, ومسلم ٤/ ١٨١٧ رقم ٢٣٣٦, كتاب الفضائل باب في سدل النبي - صلى الله عليه وسلم - شعره وفرقه, عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٥) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٩٧, وسبل السلام ١/ ٥٩٠.
(٦) ينظر: سبل السلام ١/ ٥٩٠، وينظر: شرح معاني الآثار ٢/ ٨١.
(٧) سبق تخريجه صفحة (٤٢١).

<<  <   >  >>