للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض, ولو كان إنما يتناول صورة الإفراد لقال: لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده, كما قال في الجمعة. فلما خص الصورة المأذون في صومها بالفرضية علم تناول النهي لما قابلها (١).

الترجيح: الذي يترجح والله أعلم هو القول الأول: أنه يكره صوم السبت في غير الفريضة مفردا؛ جمعا بين الأدلة، والجمع مهما أمكن أولى من النسخ (٢).

أما ما استدل به أصحاب القول الثاني والثالث فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما قول أصحاب القول الثاني بأن أحاديث صيام يوم السبت ناسخة لحديث النهي: فهذه دعوى تحتاج إلى برهان (٣).

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث عائشة وأم سلمة -الذَين دلا على جواز صيام يوم السبت-، على جواز تخصيصه بذلك:

فغير ظاهر، بل الظاهر صومه مع ما بعده (٤).

وأما ما قاله: أصحاب القول الثالث في حديث النهي عن صيام يوم السبت: من أن الاستثناء دليل التناول ... إلى آخره، فيجاب عنه:

أنه لا ريب أن الاستثناء أخرج صورة الفرض من عموم النهي، وأما صورة الاقتران بما قبله أو بما بعده، أو موافقته لعادة صيام، فقد أُخرِجت بدليل آخر، وهو ما تقدم من حديث جويرية وأبي هريرة وغيرهما، فكِلا الصورتين مُخرَج، أما الفرض فبالمُخرِج المتصل، وأما صومه مضافا، أو موافقا لصوم، فبالمُخرِج المنفصل، فبقيت صورة التخصيص بالإفراد واللفظ متناول لها، ولا مُخرِج لها من عمومه، فيتعين حَمله عليها (٥). والله أعلم.


(١) ينظر: حاشية ابن القيم تهذيب السنن ٧/ ٥٠ - ٥١، وينظر: شرح معاني الآثار ٢/ ٨٠.
(٢) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٩٨.
(٣) ينظر: المجموع ٦/ ٤٣٩، وحاشية ابن القيم تهذيب السنن ٧/ ٥٠.
(٤) ينظر: تهذيب السنن ٧/ ٥٢.
(٥) ينظر: تهذيب السنن ٧/ ٥١, واقتضاء الصراط المستقيم ٢/ ٧٧.

<<  <   >  >>