للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن مجرد الترك لا يدل على الكراهة، ولو كان عند ابن عمر - رضي الله عنه - نص من النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكراهة لما تأخر في التحديث به. نعم فطره - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين من بعده دليل على أن هذا الفعل هو الأفضل، والله أعلم.

رابعا: وأما قولهم: "إن الدعاء في عرفة من أهم أعمال الحاج والصيام قد يخل به، فكره لذلك"، فيجاب عنه:

أن الكراهة حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل من الكتاب أو السنة، ولم يقم دليل على كراهة صيام الحاج في عرفة، وإنما يتوجه القول بأن الفطر أفضل لفعله - صلى الله عليه وسلم - كما سبق.

خامسا: وأما ما استدل به أصحاب القول الرابع، فيجاب عنه:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حض على صيام يوم عرفة لغير الحاج، بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمّا حج وقف مفطرا؛ بَيانا منه للأفضل، خاصة والمَقام مَقام تعليم وأَخذٍ عنه.

قال الزّرْقاني (١): "ففِطرُ يوم عرفة للحاج أفضل من صومه؛ لأنه الذي اختاره - صلى الله عليه وسلم - لنفسه" (٢). والله أعلم.


(١) هو: محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن أحمد الزُّرْقاني المصري, أبو عبد الله الأزهري المالكي، خاتمة المحدثين بالديار المصرية, من مصنفاته: شرح موطأ الإمام مالك, وشرح البيقونية, وشرح المواهب اللدنية, توفي بالقاهرة سنة ١١٢٢ هـ. ينظر: شجرة النور الزكية ١/ ٤٦٠؛ ومعجم المؤلفين ١٠/ ١٢٤؛ فهرس الفهارس ١/ ٤٥٦, والأعلام ٦/ ١٨٤.
(٢) شرح الموطأ ٢/ ٤٧٧ - ٤٧٨.

<<  <   >  >>