للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أخذا بظاهر الحديث؛ لأن الأصل في النهي أن يقتضي التحريم، فيجب الفطر يوم عرفة للحاج (١).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يستحب للحاج الفطر يوم عرفة بعرفة؛ وذلك لما يلي:

أولا: أنه هو الثابت من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن فعل خلفائه الراشدين من بعده.

ثانيا: أنه يوم عيد لأهل عرفة، كما صح بذلك الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ثالثا: أن فيه جمعا بين الأدلة الواردة في الباب، فيحمل حديث صيام يوم عرفة يكفر سنتين، على أهل الآفاق، وتحمَل الأحاديث التي فيها استحباب فطر يوم عرفة، على من بعرفة.

وأما ما استدل به أصحاب الأقوال الأخرى فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما ما استدل به أصحاب القول الثاني، فيجاب عنه:

أن الذي اختاره النبي - صلى الله عليه وسلم - لنفسه في يوم عرفة هو الإفطار، وكذلك هو فعل خلفائه الراشدين من بعده، ولأن هذا اليوم هو يوم عيد لأهل عرفة؛ لاجتماعهم فيه، كما سبق معنا في أدلة القول الأول.

ثانيا: وأما استدلال أصحاب القول الثالث بحديث: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيام يوم عرفة بعرفة» على إثبات حكم الكراهة لمن صامه، فيجاب عنه:

أنه حديث ضعيف لا تقوم به الحجة (٢).

وبنفس الجواب يجاب عن أصحاب القول الخامس القائلين بوجوب فطر يوم عرفة للحاج؛ لأنهم استدلوا بنفس الحديث.

ثالثا: وأما الاستدلال بأثر ابن عمر - رضي الله عنهما - على إثبات حكم الكراهة، فيجاب عنه:

أنه ليس فيه نهي، وإنما هو خلاف الأفضل (٣).

وجواب ابن عمر - رضي الله عنه - يدل على ذلك، حيث قال: «وأنا لا أصومه، ولا آمر به ولا أنهى عنه».


(١) ينظر: فتح الباري ٤/ ٢٣٨.
(٢) ينظر: المجموع ٦/ ٣٨٠.
(٣) المصدر السابق.

<<  <   >  >>