للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الخامس: عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: «أنه كان يقول في ذلك مثل قول عائشة - رضي الله عنها -» (١).

وجه الاستدلال: أن الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - قد رخصوا للمتمتع بصيام أيام التشريق، مع أنهم ممن رووا أحاديث النهي عن صيامها، فكان دليلا على أن المتمتع مستثنى من عموم النهي والله أعلم.

أدلة القول الثالث: القائلين بأنه يجوز صيام أيام التشريق مطلقا.

الدليل الأول: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام يومين، يوم الفطر، ويوم النحر» (٢).

وجه الاستدلال: أن الحديث دل بمنطوقه على تحريم صيام يوم الفطر ويوم الأضحى، ودل بمفهومه على جواز صيام ما عدا ذلك، ويدخل فيه أيام التشريق، وإلا كان تخصيصهما عبثا لا فائدة فيه (٣).

الدليل الثاني: ولأن هذا يوم يصح صومه عن الهدي، فصح صومه عن غيره؛ كسائر الأيام (٤).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الثاني: أنه يجوز صيام أيام التشريق للمتمتع الذي لم يجد الهدي ولم يصم قبل يوم العيد، وذلك لقوة أدلة هذا القول؛ فهي صحيحة وصريحة، ولأن الأدلة التي عارضت هذا القول عامة, والقاعدة أن العام يبنى على الخاص (٥).

وأما ما استدل به أصحاب القولين الآخرين فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلال أصحاب القول الأول بالآية, فيجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أما قولهم إن الصحابة - رضي الله عنهم - قد فسروا الآية بأنها الأيام التي قبل يوم العيد، فغير مُسَلَّم: فهذا عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قد فسرها بغير ما فسرها به علي وابن عباس - رضي الله عنهم - وجعل ابن عمر - رضي الله عنهما - أيام منى من أيام الحج كما مر, ثم إن عليا ¢ قد جاء عنه الإذن للمتمتع الذي لم يجد الهدي بصيام أيام منى كما سلف في أدلة القول الثاني (٦).


(١) رواه البخاري ٤/ ٢٨٤ رقم ١١٩٩, في الصوم، باب صيام أيام التشريق.
(٢) رواه مسلم ٢/ ٧٩٩ رقم ١١٣٨، في الصيام, باب النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى.
(٣) ينظر: بداية المجتهد ٢/ ٧٢.
(٤) ينظر: المنتقى شرح الموطأ ٢/ ٥٩.
(٥) ينظر: إرشاد الفحول ١/ ١٥٤، نيل الأوطار ٤/ ٣١١.
(٦) صفحة (٤٣٥).

<<  <   >  >>