للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: وأما قولهم إن أيام منى ليست من أيام الحج، فلا معنى له؛ لأنهن يُنْسَك فيهن بالرمي والعكوف على أعمال الحج، كما يُنْسَك غير ذلك من أعمال الحج في الأيام قبلها (١). فلم يبق لهم تعلق بالآية.

ثانيا: وأما استدلالهم بالنهي الوارد في أحاديث النهي عن صوم أيام التشريق، فيجاب عنه:

أن أحاديث النهي عن صوم أيام التشريق جاءت عامة، يُستثنى منها المتمتع بما ثبت في حديث ابن عمر وعائشة - رضي الله عنهما - في أدلة القول الثاني: «أنه لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي». وحمل المطلق على المقيد واجب، وكذلك بناء العام على الخاص (٢).

ثالثا: وأما استدلال أصحاب القول الثالث: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام يومين، يوم الفطر، ويوم النحر» على جواز صيام أيام التشريق, فيجاب عنه:

أن الأحاديث الكثيرة قد دلت على تحريم صيام أيام التشريق، فلا وجه للقول بالجواز مطلقا.

وقد اعتذر ابن قدامة لأصحاب هذا القول بقوله: "والظاهر أن هؤلاء لم يبلغهم نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيامها، ولو بلغهم لم يَعْدوه إلى غيره" (٣).

كما أن ابن عبد البر شكك في نسبة هذا القول إلى قائليه, فقال: "وفي الأسانيد عنهم ضعف" (٤). والله أعلم.


(١) ينظر: تفسير الطبري ٣/ ١٠٠.
(٢) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٣١١، وتفسير القرطبي ٢/ ٤٠٠.
(٣) المغني ٣/ ١٦٩.
(٤) الاستذكار ٤/ ٢٣٨.

<<  <   >  >>