للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القول الأول: القائلين بأنه يستحب صيام الست من شوال.

الدليل الأول: عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر» (١).

وجه الاستدلال: أن الحديث صريح في استحباب صيام الست من شوال؛ لأن النبي إنما شبَّه صيامها بصيام الدهر، للمبالغة، وللحث على صيامها (٢).

الدليل الثاني: عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «صيام شهر رمضان بعشرة أشهر, وصيام ستة أيام من شوال بشهرين, فذلك صيام سنة» (٣).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر صيام الست من شوال بعد صيام رمضان، وأن الحسنة بعشر أمثالها إلا ترغيبا منه - صلى الله عليه وسلم - في صيامها؛ لتحصيل أجر صيام السنة كاملة.

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه يكره صيام الست من شوال.

الدليل الأول: أن حديث صيام الست من شوال غير معمول به عند أهل العلم من أهل المدينة.

قال الإمام مالك -في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان-: "إنه لم ير أحدا من أهل العلم والفقه يصومها, ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف, وإن أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته, وأن يُلحِقَ برمضان ما ليس منه أهلُ الجهالة والجفاء (٤)؛ لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم, ورأوهم يعملون ذلك" (٥).

وجه الاستدلال من كلام الإمام مالك من وجهين:

الأول: أن أهل العلم من أهل المدينة لم ينقل عنهم صيام الأيام الست من شوال، فيكون صيامها ليس مما يستحب فعله.


(١) سبق تخريجه صفحة (٤٤٤).
(٢) ينظر: شرح مسلم للنووي ٨/ ٥٦، شرح المشكاة ٥/ ١٦٠٩، سبل السلام ١/ ٥٨٢.
(٣) رواه النسائي في السنن الكبرى ٣/ ٢٣٩ رقم ٢٨٧٣, في الصيام, باب صيام ستة أيام من شوال, واللفظ له, وابن ماجه ١/ ٥٤٧ رقم ١٧١٥, في الصيام, باب صيام ستة أيام من شوال, وأحمد ٣٧/ ٩٤ رقم ٢٢٤١٢, وصححه الألباني في الإرواء رقم ٩٥٠.
(٤) أي: أهل الغلظة والفظاظة، ينظر: شرح الزرقاني على الموطأ ٢/ ٣٠١.
(٥) الموطأ: ص ٣١٠, كتاب الصيام, باب جامع الصيام.

<<  <   >  >>