للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الباجي: "وهذا كما قال: إن صوم هذه الستة الأيام بعد الفطر لم تكن من الأيام التي كان السلف يتعمدون صومها" (١).

الثاني: أنه قد يفضي إلى اعتقاد لزومها من العوام لكثرة المداومة، ولذا سُمِع من يقول يوم الفطر: نحن إلى الآن لم يأت عيدنا أو نحوه (٢).

قال ابن القيم: "قال الحافظ أبو محمد المُنْذِري (٣): والذي خشي منه مالك قد وقع بالعجم، فصاروا يتركون المُسَحّرين على عادتهم، والنواقيس، وشعائر رمضان إلى آخر الستة الأيام. فحينئذ يُظهِرون شعائر العيد" (٤).

الدليل الثاني: أن حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - في صيام الست من شوال- لا يَثبُت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لعلتين:

الأولى: ضعف أحد الرواة.

الثانية: الاختلاف في رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو وقفه على أبي أيوب الأنصاري ¢ (٥).

الترجيح: الذي يترجح والله أعلم هو القول الأول: أنه يستحب صيام الست من شوال مطلقا.؛ وحديث أبي أيوب وثوبان - رضي الله عنهما - واضحا الدلالة على استحباب صيامها.

والظاهر -والله أعلم- أن الإمام مالكا والإمام أبا حنيفة - رضي الله عنهما - لم يتركا صيام الست من شوال, وإنما خشيا من أن يعتقد الجهال وعوام الناس فرضيتها.


(١) المنتقى ٢/ ٧٦.
(٢) ينظر: تبيين الحقائق ١/ ٣٣٢، المنتقى للباجي ٢/ ٧٦، مواهب الجليل ٢/ ٤١٤.
(٣) هو: عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله، أبو محمد زكي الدين المنذري, محدث حافظ فقيه، له القدم الراسخ في معرفة صحيح الحديث من سقيمه، من تصانيفه: شرح التنبيه للشيرازي في فروع الفقه الشافعي، والترغيب والترهيب, ومختصر صحيح مسلم, توفي سنة ٦٥٦ هـ, ينظر: طبقات الشافعية ٨/ ٢٥٩، السير ٢٣/ ٢١٨, والأعلام ٤/ ٣٠.
(٤) تهذيب السنن ٧/ ٦٧.
(٥) قال الزرقاني: "ووجه كونه لم يثبت عنده وإن كان في مسلم أن فيه سعد بن سعيد ضعفه أحمد بن حنبل، وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن سعد: ثقة قليل الحديث، وقال ابن عيينة وغيره: إنه موقوف على أبي أيوب أي وهو مما يمكن قوله رأيا إذ الحسنة بعشرة فله علتان: الاختلاف في راويه، والوقف".شرح الموطأ ٢/ ٣٠١. وينظر: المنتقى ٢/ ٧٦.

<<  <   >  >>