للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسبب الفضل مختلف كما ترى، فالمحرم فُضِّل لكونه فاضلا في ذاته، وأما شعبان فقد فُضِّل لتعظيم غيره، فيكون المحرم أفضل من شعبان (١).

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فهو من جهة الفعل؛ فإن إكثار النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصيام في شعبان يُشعِر بأفضليته على شهر المحرم؛ فما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليترك شهر المحرم مع ما ذُكِر فيه من الفضل، ويُكثِر الصيام في شعبان إلا لما فيه من فضل على غيره من الشهور.

اللهم إلا أن يجاب عن إقلاله - صلى الله عليه وسلم - من الصيام في شهر المحرم بما ذكره بعض أهل العلم فيقال:

إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكثر من الصيام في شهر الله المحرم لأسباب:

الأول: أنه لم يَعلم بفضل المحرم إلا في آخر حياته قبل التَمكُّن من صومه (٢).

الثاني: أنه كان يعرض له من الأعذار ما يُشغِله عن الصوم من سفر، أو غزو، أو مرض، فيقضي ذلك كله في شعبان (٣).

وعلى كل حال فإن فضل شهر الله المحرم وفضل شهر شعبان، ثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - قولا وفِعلا، فيكون الإكثار من الصوم فيهما مطلب لكل مسلم حريص على الأجر, والله أعلم.


(١) ينظر: دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين ٦/ ٦٣٧.
(٢) ينظر: شرح مسلم للنووي ٨/ ٥٥، وشرح الزرقاني على الموطأ ٢/ ٢٩٠.
(٣) ينظر: شرح مسلم للنووي ٨/ ٥٥، وعون المعبود ٧/ ٥٩, وتحفة الأحوذي ٣/ ٣٦٨.

<<  <   >  >>