للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أشار على من كان يصوم رجب بصيام شعبان لا غيره من الشهور فدل على أفضليته.

الدليل السابع: أن أسامة - رضي الله عنه - كان يصوم الأشهر الحرم, فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صم شوالا». فتَرَكَ الأشهر الحرم. فكان يصوم شوالا حتى مات (١).

وجه الاستدلال: قال ابن رجب: "فهذا نص في تفضيل صيام شوال على صيام الأشهر الحُرُم؛ وإنما كان كذلك: لأنه يلي رمضان من بعده، كما أن شعبان يليه من قبله. وشعبان أفضل؛ لصيام النبي - صلى الله عليه وسلم - له دون شوال. فإذا كان صيام شوال أفضل من الأشهر الحُرُم؛ فلأن يكون صوم شعبان أفضل بطريق الأولى" (٢).

الترجيح: بعد عرض الأدلة ووجوه الاستدلال منها يتبين -والله أعلم- أن أصحاب القول الأول أسعد بالدليل من جهة القول، وأن أصحاب القول الثاني أسعد بالدليل من جهة الفعل؛ وبيان ذلك:

أن ما استدل به أصحاب القول الأول وهو حديث: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم» حديث صحيح, وصريح في كون المحرم أفضل الشهور صياما بعد رمضان، من قوله - صلى الله عليه وسلم -.

وقد عارضه حديث أنس - رضي الله عنه - في تفضيل شعبان، لكنه حديث ضعيف لا يقاوم حديث أبي هريرة في تفضيل المحرم، فيقدم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - (٣).

وقد يمكن الجمع بين الحديثين على فرض صحة حديث أنس - رضي الله عنه - , فيقال:

إن أفضل الصيام بعد رمضان عند الإطلاق صيام المحرم, وعند تعظيم رمضان صيام شعبان, ولعل المراد بتعظيم رمضان: تعظيم صيامه بأن تَتَعوَّد النفس عليه؛ لئلا يثقل صيام رمضان على النفس فتكرهه طبعا, ولئلا تُخِلّ بآدابه فَجأَةُ الصيام (٤).


(١) رواه ابن ماجة ١/ ٥٥٥ رقم ١٧٤٤, في الصيام, باب صيام أشهر الحرم, والضياء في المختارة ٤/ ١٤٥ رقم ١٣٥٩, وقال في الزوائد ٢/ ٧٨: "إسناده صحيح إلَّا أنه منقطع بين محمَّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي وبين أسامة بن زيد". وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجة رقم ٣٨١.
(٢) لطائف المعارف ص ١٢٩.
(٣) ينظر: تحفة الأحوذي ٣/ ٢٦٥، وقوت المغتذي على جامع الترمذي ١/ ٢٥١.
(٤) ينظر: تحفة الأحوذي ٣/ ٢٦٥.

<<  <   >  >>