للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن رشد الجد: "ففي هذا دليل على فضل صيام شعبان، وأنه أفضل من صيام سواه" (١).

الدليل الرابع: عن أنس - رضي الله عنه - قال: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الصوم أفضل بعد رمضان؟ فقال: «شعبان لتعظيم رمضان»، قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال: «صدقة في رمضان» (٢).

وجه الاستدلال: أن الحديث نص على أن شهر شعبان هو أفضل الشهور صياما بعد شهر رمضان؛ وذلك لأنه لمّا كان شعبان مُقدِّمة بين يدي رمضان، كان صومه فيه تعظيمًا له؛ فيُحتَرَم لاحترامه، ويأتي شهر رمضان وقد آنَست النفس بالعبادة، وأَلِفتْها (٣).

الدليل الخامس: وعن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: قلت: ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» (٤).

وجه الاستدلال: يستدل بهذا الحديث على أفضلية شهر شعبان من وجوه:

الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر أُسامة - رضي الله عنه - عندما قال له: «ولم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان».

الثاني: تعليله - صلى الله عليه وسلم - بأنه وقت فاضل يغفل عنه الناس وينشغلون بغيره.

الثالث: ذِكْر ما فيه من فضل رفع الأعمال إلى رب العزة والجلال.

وهذا كله يدل على أنه أفضل الشهور للصيام بعد رمضان.

الدليل السادس: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ذُكِر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناس يصومون رجبا؟ فقال: «فأين هم عن شعبان» (٥).


(١) المقدمات الممهدات ١/ ٢٤٣، وينظر: المسالك في شرح موطأ مالك ٤/ ٢١١.
(٢) رواه الترمذي ٣/ ٤٢ رقم ٦٦٣ وقال: "هذا حديث غريب، وصدقة بن موسى ليس عندهم بذاك القوي", والطحاوي في شرح معني الآثار ٢/ ٨٣ رقم ٣٣٣٠, باب الصوم بعد النصف من شعبان إلى رمضان, والبيهقي في الكبرى ٤/ ٥٠٣ رقم ٨٥١٧, في الصيام باب الجود والإفضال في شهر رمضان, وقال الألباني في الإرواء ٣/ ٣٩٦ رقم ٨٨٨: "ضعيف".
(٣) ينظر: التنوير شرح الجامع الصغير ٢/ ٥٧١.
(٤) سبق تخريجه صفحة (١٤١).
(٥) رواه الشجري في أماليه كما في ترتيب الأمالي ١/ ٣٤٧ رقم ١٢٢١, باب في فضل الصوم وفضل صيام شهر رمضان وما يتصل بذلك, وقال صاحب الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء ٧/ ٧٧: "إسناده ضعيف".

<<  <   >  >>