للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يُعِفّها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان» (١).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَقصُر معنى في سبيل الله على الجهاد فقط، بل عَدّاه إلى خصال أخرى من أعمال الخير: كالسعي على العيال، والسعي على الوالدين، والسعي على عِفَّة النفس.

الدليل التاسع: عن أم مَعْقِل (٢) - رضي الله عنها - قالت: كان أبو مَعْقِل (٣) - رضي الله عنه - حاجّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فلما قَدِم قالت أم معقل: قد عَلِمت أن عليَّ حَجَّة, فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه, فقالت: يا رسول الله إن عليَّ حَجّة, وإن لأبي معقل بَكْرا (٤) , قال أبو معقل: صدقت, جعلتُه في سبيل الله, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أعطها فلتَحُجّ عليه؛ فإنه في سبيل الله» فأعطاها البَكْر (٥).

وجه الاستدلال: فهذا الحديث نصَّ على أن الحج داخلٌ في معنى في سبيل الله، فيكون معنى في سبيل الله أعم من مجرد الجهاد (٦).


(١) رواه الطبراني في المعجم الصغير ٢/ ١٤٨ رقم ٩٤٠, وفي الكبير ١٩/ ١٢٩ رقم ٢٨٢, والأوسط ٧/ ٥٦ رقم ٦٨٣٥, وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٤/ ٣٢٥: "ورجال الكبير رجال الصحيح". وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزياداته ١/ ٣٠١ رقم ١٤٢٧.
(٢) هي: أم معقل الأسدية أو الأشجعية، ويقال لها الأنصارية, زوجة أبي معقل, أسلمت وبايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروت عنه, روى عنها: ابنها معقل، والأسود بن يزيد, وأبو بكر بن الحارث بن هشام. ينظر: معرفة الصحابة ٦/ ٣٥٦٣, الإصابة ٨/ ٤٧٨, تهذيب الكمال ٣٥/ ٣٨٧.
(٣) هو: أبو معقل الأسدي (حليف بني أسد) الأنصاري، يقال اسمه الهيثم, وهو والد معقل، وزوج أم معقل الأسدية، شهد أحدا, توفي في حجة الوداع على ما قيل. ينظر: معرفة الصحابة ٦/ ٣٠١٦, الإصابة ٧/ ٣١٢, تهذيب الكمال ٣٤/ ٣٠٨.
(٤) البَكْر: هو الفَتي من الإبل. ينظر: مشارق الأنوار ١/ ٨٨، لسان العرب ٤/ ٧٩.
(٥) رواه أبو داود ٢/ ٢٠٤ رقم ١٩٨٨, في المناسك باب العمرة, وأحمد ٤٥/ ٧١ رقم ٢٧١٠٧, وصحح الألباني هذا الجزء من الحديث في صحيح أبي داود ٦/ ٢٢٨ رقم ١٧٣٥.
(٦) ينظر: فتح الباري لابن رجب ٨/ ١٩٩.

<<  <   >  >>