للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: ولأنه إذا التقى الأمر والنهي في محل قدم النهي (١).

الدليل الثالث: ولأنه قَدِمَ في زمن لا يصح صومه فيه، فلم يلزمه شيء، كما لو قَدِم ليلا (٢).

الدليل الرابع: ولأن لفظه لم يتناول القضاء, وإنما يجب قضاء الفرائض بأمر جديد على المختار عند الأصوليين (٣).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن نذره ينعقد ويصح, ويجب عليه قضاء يوم آخر.

الدليل الأول: جاء رجل إلى ابن عمر - رضي الله عنهما -، فقال: إني نذرت أن أصوم يوما، فوافق يوم أضحى أو فطر، فقال ابن عمر - رضي الله عنهما -: «أمر الله تعالى بوفاء النذر، ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم هذا اليوم» (٤).

وجه الاستدلال: أن ابن عمر - رضي الله عنهما - عَرَّضَ (٥) للسائل بأن الاحتياط لك هو القضاء، فتَجْمَع بين أمر الله سبحانه وتعالى وهو قوله: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} (٦). وبين أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أمره بترك صوم يومي العيد (٧).

الدليل الثاني: ولأنه لم يقصد بنذره المعصية، وإنما وقع اتفاقا (٨).

الدليل الثالث: ولأنه نذر نذرا يمكن الوفاء به غالبا، فكان منعقدا؛ كما لو وافق غير يوم العيد، ولا يجوز أن يصوم يوم العيد؛ لأن الشرع حرَّم صومه، فأشبه زمن الحيض، ولزمه القضاء؛ لأنه نذرٌ منعقد، وقد فاته الصيام بالعذر (٩).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الثاني: أنه ينعقد نذره ويصح ويجب قضاؤه؛ لأنه نذر نذرا يمكن الوفاء به غالبا، ولم يقصد بنذره المعصية، وإنما وقع اتفاقا فينعقد؛ كما لو


(١) ينظر: إرشاد الساري ٣/ ٤١٨، أضواء البيان ٢/ ٣٠٠.
(٢) ينظر: المغني ١٠/ ٢٢.
(٣) ينظر: شرح مسلم للنووي ٨/ ١٦, ونيل الأوطار ٤/ ٣١٠.
(٤) سبق تخريجه صفحة (٤٩٢).
(٥) عَرَّض: من التَعْريض: وهو خلاف التصريح في القول، والجمع معاريض. ينظر: النهاية ٣/ ٢١٢.
(٦) سورة الحج: آية: ٩٢.
(٧) ينظر: عمدة القاري ١١/ ١١٢.
(٨) ينظر: المغني ١٠/ ٢٣.
(٩) ينظر: المغني ١٠/ ٢٢، الشرح الكبير ١١/ ٣٤٦، والمنح الشافيات ٢/ ٧٦٩، كشاف القناع ٦/ ٢٨٠.

<<  <   >  >>