للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: عن أنس - رضي الله عنه -، قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على أم سليم فأتته بتمر وسمن، فقال: «أعيدوا سمنكم في سقائه، وتمركم في وعائه، فإني صائم». ثم قام إلى ناحية من البيت فصلى غير المكتوبة فدعا لأم سليم وأهل بيتها (١).

الدليل الثالث: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه صنع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه طعاما، فدعاهم، فلما دخلوا وضع الطعام، فقال رجل من القوم: إني صائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعاكم أخوكم وتكلف لكم ثم تقول: إني صائم؟ , أفطر، ثم صم يوما مكانه إن شئت» (٢).

وجه الاستدلال من الأحاديث: إذا جمعنا بين هذه الأحاديث نجد أن حديث جابر - رضي الله عنه - جاء فيه إباحة الفطر وإباحة البقاء على الصيام، دون تفضيل أحدهما على الآخر (٣).

ثم يأتي حديث أم سليم - رضي الله عنها - وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقطع صيامه؛ لعلمه أن أم سليم ترضى بمجرد حضوره ودعائه لها ولأهل بيتها؛ لأن أم سليم كانت عنده بمنزلة أهل بيته (٤)؛ وذلك لأنها خالته من الرضاعة (٥).

ثم يأتي حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - والذي فيه أن صاحب الطعام قد تَكلَّف في إعداده، فلم يكن ليرضى بمجرد الحضور، لذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان صائما من المدعوين بأن يفطر، ويقضي يوما آخر إن شاء؛ حتى لا يكسر قلب صاحب الدعوة، والله أعلم.

قال النووي: "وأما الصائم فلا خلاف أنه لا يجب عليه الأكل, لكن إن كان صومه فرضا لم يجز له الأكل؛ لأن الفرض لا يجوز الخروج منه, وإن كان نفلا جاز الفطر وتركه, فإن كان يشق على صاحب الطعام صومه فالأفضل الفطرُ, وإلا فإتمامُ الصوم, والله أعلم" (٦).

أدلة القول الثاني: القائلين يستحب له الفطر مطلقا.


(١) سبق تخريجه صفحة (٥٠١).
(٢) سبق تخريجه صفحة (٥٠٠).
(٣) ينظر: تحفة الأحوذي ٣/ ٤١٣.
(٤) ينظر: فيض القدير شرح الجامع الصغير ٦/ ٢٣١.
(٥) ينظر: التوضيح لابن الملقن ١٣/ ٤٨٢، وعمدة القاري ١١/ ٩٨.
(٦) شرح مسلم ٩/ ٢٣٦. وينظر: فتح الباري ٤/ ٢٢٨، شرح المشكاة للطيبي ٥/ ١٦١٨.

<<  <   >  >>