للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صام يوم عاشوراء, فقالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله تعالى صمنا اليوم التاسع» , قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد عزم على أن ينقل صيام يوم عاشوراء إلى اليوم التاسع؛ مخالفة لليهود، فكان هو المرغب في صيامه دون اليوم العاشر.

الدليل الثاني: عن الحَكَم بن الأعرج (٢)، قال: انتهيت إلى ابن عباس - رضي الله عنه -، وهو متوسد رداءه في زمزم، فقلت له: أخبرني عن صوم عاشوراء، فقال: «إذا رأيت هلال المحرم فاعدد، وأصبح يوم التاسع صائما»، قلت: هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه؟ قال: «نعم» (٣).

وجه الاستدلال: في هذا الأثر تصريح من ابن عباس - رضي الله عنه - بأن مذهبه أن عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم (٤)، وقد نسب ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الدليل الثالث: ولأنه مأخوذ من إظْماء الإبل (٥)؛ فإن العرب تسمي اليوم الخامس من أيام الوِرْد (٦) رِبْعا بكسر الراء, وكذا تُسَمّي باقي الأيام على هذه النسبة, فيكون التاسع على هذا عِشْرا بكسر العين (٧).

الترجيح: الذي يترجح في هذه المسألة والله أعلم هو القول الأول: أن عاشوراء هو اليوم العاشر؛ وذلك: لقوة أدلتهم، ولصراحة النصوص النبوية في أن المقصود من عاشوراء هو اليوم العاشر. وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:


(١) سبق تخريجه صفحة (٥١٦).
(٢) هو: الحكم بن عبد الله بن إسحاق، المعروف بالحكم بن الأعرج البصري. تابعي ثقة، حدث عن: عبد الله بن عُمر، وعبد الله بن عباس، وغيرهما, وعنه: يونس بن عبيد، ومعاوية بن عمرو بن غلَّاب. ينظر: الطبقات الكبرى ٧/ ٢١٣، تهذيب الكمال ٧/ ١٠٣، تهذيب التهذيب ٢/ ٤٢٨.
(٣) رواه مسلم ٢/ ٧٩٧ رقم ١١٣٣, في الصيام باب أي يوم يصام في عاشوراء.
(٤) ينظر: المحلى ٤/ ٤٣٧، شرح مسلم للنووي ٨/ ١٢.
(٥) الإظماء: من الظَمَأ وهو العطَش، يقال رجل ظمآن أي عطشان. ينظر: النهاية ٣/ ١٦٢، تاج العروس ١/ ٣٣٣.
(٦) ورد الماء: إذا بلَغَه وأَشْرَفَ عليه، دخله أو لم يدخله. ينظر: تاج العروس ٩/ ٢٨٩، المعجم الوسيط ٢/ ١٠٢٤.
(٧) ينظر: المجموع ٦/ ٣٨٣, الذخيرة ٢/ ٥٣٠.

<<  <   >  >>