للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبب الخلاف: لهذه المسألة شقان, لكل شق سبب خلاف خاص:

الشق الأول: القضاء على الفور, وسبب الخلاف فيه: المفهوم من قول عائشة - رضي الله عنها -: «كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، الشغل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (١)، هل يفهم منه جواز التأخير، أو يفهم منه البدار مع التمكن؛ لأن عائشة - رضي الله عنها - بينت العذر الذي منعها من البدار، وأوجب عليها التراخي؛ وهو الشغل بحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

الشق الثاني: التتابع في القضاء, وسبب اختلافهم فيه: تعارض ظواهر النصوص والقياس؛ وذلك أن القياس يقتضي أن يكون الأداء على صفة القضاء، أما ظاهر قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٣) فإنما يقتضي إيجاب العدد فقط لا إيجاب التتابع (٤).

أدلة القول الأول: القائلين بجواز تأخير قضاء رمضان وتفريقه بعذر وبغير عذر.

الدليل الأول: قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٥).

وجه الاستدلال: أن الآية نصت على أن الله يريد اليسر بعباده، وقد يكون تفريق القضاء، وتأخيره هو الأيسر (٦).

الدليل الثاني: قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٧).

وجه الاستدلال: أن قوله تعالى: {أَيَّامٍ أُخَرَ}، نكرة في سياق الإثبات (٨)، فيكون ذلك أمرا بصوم أيام على عدد تلك الأيام مطلقا، فلا يجوز تقييده ببعض الأوقات إلا بدليل, فيكون وجوب القضاء موسعا على التراخي لا على الفور, وكذا التقييد بالتتابع يكون


(١) سيأتي تخريجه صفحة (٥٣٦).
(٢) ينظر: مناهج التحصيل ٢/ ١٢٣.
(٣) سورة البقرة: آية: ١٨٤.
(٤) ينظر: بداية المجتهد ٢/ ٦١.
(٥) سورة البقرة: آية: ١٨٥.
(٦) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٣٤٢.
(٧) سورة البقرة: آية: ١٨٤.
(٨) ينظر مباحث المطلق في: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ٣/ ٣.

<<  <   >  >>