للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن هذه الرواية لحديث الأعرابي قد جاء فيها التصريح بوجوب القضاء على من جامع في يوم رمضان، زيادة على الكفارة.

الدليل الثاني: ولأن المجامع أفسد يوما من رمضان، فلزمه قضاؤه، كما لو أفسده بالأكل. وكما لو أفسد صومه الواجب في غير رمضان (كالكفارة، والنذر) بالجماع، فلزمه قضاؤه، فكذا هنا (١).

الدليل الثالث: ولأن الكفارة إنما وجبت تكفيرا وزجرا عن جناية الإفساد، أو رفعا لذنب الإفساد، أما صوم القضاء فإنما وجب جبرا للفائت. فكل واحد منهما شُرِع لغير ما شُرِع له الآخر (٢).

الدليل الرابع: وقياسا على من أفسد حجه بالجماع، فإننا نُلزِمه بالكفارة, ومع هذا لا يسقط عنه قضاء ما أفسده من حج، فكذا هنا (٣).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه لا يقضي ذلك اليوم وتكفيه الكفارة.

الدليل الأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بينما نحن جلوس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، هلكت! قال: «ما لك؟ ». قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هل تجد رقبة تعتقها؟ ». قال: لا. قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ ». قال: لا. قال: «فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟ ». قال: لا. قال: فمكث النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينا نحن على ذلك أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيها تمر، قال: «أين السائل؟ ». فقال: أنا. قال: «خذ هذا فتصدق به». فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي! فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه، ثم قال: «أطعمه أهلك» (٤).

الدليل الثاني: عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: إن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه احترق، قال: «ما لك؟ »، قال: أصبت أهلي في رمضان، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكتل يدعى العرق، فقال: «أين المحترق» قال: أنا، قال: «تصدق بهذا» (٥).


(١) ينظر: المغني ٣/ ١٣٤، الشرح الكبير ٣/ ٥٥.
(٢) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٩٨، فتح الباري ٤/ ١٧٢، والبناية ٤/ ٥٣.
(٣) ينظر: شرح البخاري لابن بطال ٤/ ٧٢.
(٤) سبق تخريجه صفحة (٣٦٣).
(٥) سبق تخريجه صفحة (٣٦٤).

<<  <   >  >>