للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن هذه الأحاديث في الصحيحين ولم يقع فيها التصريح بالقضاء, فدل ذلك على سقوط قضاء اليوم الذي أفسده المجامع اكتفاء بالكفارة، ولو كان القضاء واجبا عليه لبينه له - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز (١).

الراجح: الذي يترجح في هذه المسألة -والله أعلم- هو القول الأول: أن على المجامع في رمضان قضاء ذلك اليوم مع الكفارة؛ وذلك لأن معهم نص في محل الخلاف يوجب القضاء عليه (٢).

وأما قول أصحاب القول الثاني: بأن الأحاديث التي في الصحيحين ليس فيها ذكر القضاء، فيجاب عنه: أنه ليس في هذا دليل على إسقاط القضاء؛ لأن الرواية جاءت صحيحة صريحة في إيجابه، ولو اقتصرنا على روايات الصحيحين دون غيرهما من كتب السنن والمسانيد ودواوين السنة لضاعت أحكام فقهية كثيرة.

ومن اللازم لفهم السنة فهما صحيحا أن تجمع الأحاديث الصحيحة في الموضوع الواحد, بحيث يُحمَل مطلقها على مقيدها, ويُفسَر عامها بخاصها. وبذلك يتضح المعنى المراد منها, ولا يُضرَب بعضها ببعض (٣).

وعلى فرض أن الروايات لم تنُصَّ على إيجاب القضاء على الأعرابي المُجامِع, فقد ذكرَ أهل العلم أن السائل كان عالما بإيجاب قضاء ذلك اليوم الذي أفسده (٤).

وإنما جاء الأعرابي ليسأل عن ما يُكَفِّر عنه جناية إفساده، أو يرفع عنه ذنب ما أفسده (٥). والله أعلم.


(١) ينظر: فتح الباري ٤/ ١٧٢، البيان للعمراني ٣/ ٥١٩، والمحلى ٤/ ٣٠٨.
(٢) ينظر: شرح البخاري لابن بطال ٤/ ٧٢.
(٣) كتاب كيف نتعامل مع السنة النبوية، معالم وضوابط للقرضاوي ص ١٠٣.
(٤) ينظر: المسالك ٤/ ١٩٩، والقبس ١/ ٥٠٠.
(٥) ذكر هذا المعنى: الكاساني في بدائع الصنائع ٢/ ٩٨، وينظر: فتح الباري ٤/ ١٧٢.

<<  <   >  >>