للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالاستقاء وذلك بنص آخر وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ومن استقاء فعليه القضاء» (١)، فبقي الحكم في الذرع على الأصل (٢).

الدليل السادس: ولأن ذرع القيء مما لا يمكن التحرز عنه، بل يأتيه على وجه لا يمكنه دفعه، ولا صنع له فيه، والإنسان لا يؤاخذ بما لا صنع له فيه؛ فأشبه الناسي (٣).

أدلة القول الثاني: القائلين بأن من ذرعه القيء يفطر وعليه القضاء.

عن معدان بن طلحة، أن أبا الدرداء - رضي الله عنه -، حدثه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاء فأفطر» فلقيت ثوبان - رضي الله عنه - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد دمشق، فقلت: إن أبا الدرداء، حدثني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاء فأفطر، قال: صدق، وأنا صببت له وضوءه - صلى الله عليه وسلم - (٤).

وجه الاستدلال: في قوله: «قاء فأفطر»، دليل على أن القيء يفطر مطلقا، سواء كان غالبا أو مستخرجا. ووجه الاستدلال: أن (الفاء) تدل على أن الإفطار كان مُرتَّبا على القيء، وبسببه، وهو المطلوب (٥).

الترجيح: الذي يترجح -والله أعلم- هو القول الأول: أن من ذرعه القيء فصيامه صحيح، ولا قضاء عليه؛ وذلك لصحة ما استدلوا به، ولأنه إجماع أهل العلم. ولا أدري هل صح ما نقلوه عن الحسن البصري أم لا؟ ، فإن الرواية التي وافق فيها الجمهور قد صحت عنه (٦).

أما ما نقل عنه في الرواية الثانية فلم أجد من أسندها إليه، والله أعلم.

وأما الجواب عن حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «قاء فأفطر»، فمعناه استقاء فأفطر (٧).

ويؤيد حمل قوله قاء على القيء عامدا على الرواية التي استدل بها أصحاب القول الأول, والتي فيها: «استقاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأفطر». والله أعلم.


(١) سبق تخريجه صفحة (٣٢٦).
(٢) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٩٢، والبناية ٤/ ٥٠.
(٣) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٩٢.
(٤) سبق تخريجه صفحة (٣٢٥).
(٥) ينظر: مرعاة المفاتيح ٦/ ٥١٤، وتحفة الأحوذي ١/ ٢٤٢.
(٦) ينظر: نخب الأفكار ٨/ ٥٣١.
(٧) ينظر: شرح البخاري لابن بطال ٤/ ٨١، السنن الكبرى ٤/ ٣٧١، وفتح الباري ٤/ ١٧٥.

<<  <   >  >>