للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: لا يفطر وهو باقي على صيامه.

وبه قال: الشافعية في قول (١)، والحنابلة في المذهب (٢) , والظاهرية (٣).

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم -والله أعلم-: هل من تعمد المبالغة في الاستنشاق والاستنثار أو من زاد عن الثلاث في الوضوء، يضمنُ ما ترتب عن فعله أو لا يضمن؟ .

أدلة القول الأول: القائلين يفسد صومه، ويمسك وعليه قضاء ذلك اليوم.

الدليل الأول: عن لَقِيط بْن صَبِرَة (٤) - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ««بالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائما» (٥).

وجه الاستدلال: أن النهي عن المبالغة التي فيها كمال السنة عند الصوم دليل على أن دخول الماء في حلقه مفسد لصومه (٦).

قال الكاساني: "ومعلوم أن استثناءه حالة الصوم للاحتراز عن فساد الصوم؛ وإلا لم يكن للاستثناء معنى" (٧).

الدليل الثاني: عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: هششت فقَبَّلت وأنا صائم, فقلت: يا رسول الله صنعت اليوم أمرا عظيما، قَبَّلت وأنا صائم, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرأيت لو تمضمضت من الماء وأنت صائم»، قلت: لا بأس به، قال: «ففيم؟ » (٨).


(١) الحاوي الكبير ٣/ ٤٥٧, التنبيه ص ٦٦، المجموع ٦/ ٣٢٦، كفاية النبيه ٦/ ٣٢.
(٢) الهداية ص ١٥٨، الكافي ١/ ٤٤٣, الشرح الكبير ٣/ ٤٤، المحرر ١/ ٢٢٩.
(٣) المحلى ٤/ ٣٤٩، ٤٣٥.
(٤) هو: لَقِيط بن عامر بن صَبِرة بن عبد الله بن المنتفق، له صحبة، روى عنه: وكيع بن عدس, وابنه عاصم بن لقيط, روى له البخارِي في الأدب، والباقون سوى مسلم. ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٣٤٠، الإصابة ٥/ ٥٠٨, وتهذيب الكمال ٢٤/ ٢٤٨, وتهذيب التهذيب ٨/ ٤٥٦.
(٥) رواه أبو داود ٢/ ٣٠٨ رقم ٢٣٦٦, في الصوم, باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق, والترمذي ٣/ ١٤٦ رقم ٧٨٨, في الصيام, باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم, وابن ماجه ١/ ١٤٢ رقم ٤٠٧, في الطهارة, باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار, وصححه الألباني في صحيح أبي داود ١/ ٢٤١.
(٦) ينظر: المبسوط للسرخسي ٣/ ٦٦, والمعتصر من المختصر ١/ ١٢, وشرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٤٦٩.
(٧) بدائع الصنائع ٢/ ٩١.
(٨) سبق تخريجه صفحة (٢٦٩).

<<  <   >  >>