للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن الله عز وجل قد أمر بالقضاء مطلقا عن وقت معين، فلا يجوز تقييده ببعض الأوقات إلا بدليل، والتعيين بما بين الرمضانين تَحَكُم لا دليل عليه (١).

الدليل الثاني: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه أمر الذي واقع أهله في رمضان أن يقضي يوما مكانه» (٢).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر الواطئ في هذا الحديث بوجوب القضاء عليه، ولم يذكر له حدا معينا، ولو كان مُحددا بما بين الرمضانين لبينه له؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز (٣).

الدليل الثالث: ولأن وجوب القضاء لا يتوقت؛ لأن الأمر بالقضاء مطلق عن تعيين بعض الأوقات دون بعض، فيجري على إطلاقه. وخيار التعيين يعود إلى المكلف، ففي أي وقت شرع فيه تعين ذلك الوقت للوجوب، وإن لم يشرع يتضيق الوجوب عليه في آخر عمره في زمان يتمكن فيه من الأداء قبل موته (٤).

الترجيح: الذي يترجح في هذه المسألة -والله أعلم- هو القول الأول: أنه يحرم تأخير قضاء رمضان إلى ما بعد رمضان الذي يليه بلا عذر؛ وذلك لقوة ما استدلوا به، ويؤخذ من حرص عائشة - رضي الله عنها - على القضاء في شعبان عدم جواز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان آخر؛ لأن العلة التي من أجلها أخرت صيام ما عليها من قضاء إلى شعبان -أي: الشغل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - موجودة حتى في شعبان، فلو جاز لها التأخير إلى ما بعد رمضان لما قضته في شعبان.

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بالآية فيجاب عنه:

أن الأمر الوارد في الآية قد بين حده ما جاء في حديث عائشة - رضي الله عنها -، من كون شعبان هو أقصى وقت يؤخر القضاء إليه.


(١) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ١٠٤، والمبسوط للسرخسي ٣/ ٧٧، وفتح القدير لابن الهمام ٢/ ٣٥٥.
(٢) سبق تخريجه صفحة (٣٧٦).
(٣) ينظر: التوضيح شرح الجامع الصحيح ١٣/ ٣٦٦.
(٤) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ١٠٤، والمبسوط للسرخسي ٣/ ٧٧.

<<  <   >  >>