للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث المجامع في رمضان، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بين له وجوب القضاء ولم يذكر له حدا معينا، فالجواب:

أن عائشة - رضي الله عنها - قد حدته إلى شعبان، فعلم أنه الوقت المضيق الذي لا يجوز تعديه (١).

ثالثا: وأما قولهم: إن وجوب القضاء لا يتوقت؛ لأن الأمر بالقضاء مطلق عن تعيين بعض الأوقات دون بعض، فيجري على إطلاقه. فيجاب عنه:

أن الأصل أن يُحمَل القضاء على الفور؛ لأن دلالة الأمر المطلق تقتضي الفور، كما هو قول جمهور الأصوليين (٢).

فلما جاء حديث عائشة - رضي الله عنها -الذي سبق ذكره في الأدلة- وأفاد جواز التأخير إلى شعبان, عُلِم أن وقت القضاء مؤقت بين الرمضانين.

ثم إن إطلاق لفظ التفريط عند الحنفية يعني المؤاخذة (٣)، وقد جعل الإمام أبو حنيفة من أَخَّر قضاء رمضان إلى ما بعد رمضان الآخر مُفَرِّطا، فقال: "من كان عليه صيام شهر رمضان ففَرَّط فيه، وهو قَويّ على الصيام حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر، صام هذا الداخل عليه وقضى ما عليه" (٤). والله أعلم.


(١) ينظر: التوضيح شرح الجامع الصحيح ١٣/ ٣٦٦.
(٢) ينظر: أصول الفقه لابن مفلح ٢/ ٦٩٠, إجابة السائل شرح بغية الآمل لابن الأمير ص: ٢٨٠، وأصول السرخسي ١/ ٢٦، القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام ص: ٢٤٤.
(٣) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٣، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب ١/ ٣٧٤، رد المحتار ٦/ ٥٩٩.
(٤) ينظر: الحجة على أهل المدينة ١/ ٤٠١.

<<  <   >  >>