للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبه قال: المالكية (١) , والشافعية في قول (٢).

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم هو اختلاف الأحاديث والآثار الواردة في هذه المسألة، فمنها ما صرح بالفداء دون القضاء كالذي سيأتي عن ابن عباس - رضي الله عنه - , ومنها ما هو مطلق لا يفهم منه أكثر من الترخيص لهما بالفطر، كما سيأتي في حديث أنس بن مالك الكعبي - رضي الله عنه - , فاختلفت الأقوال باختلاف الأحاديث وفهمها والأخذ بها (٣).

ويرى ابن رشد أن سبب اختلافهم هو: تردد شَبَههما بين الذي يجهده الصوم، وبين المريض (٤).

أدلة القول الأول: القائلين بأنهما تفطران وتطعمان ولا قضاء عليهما.

الدليل الأول: قوله سبحانه وتعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (٥).

وجه الاستدلال: أن معنى يطيقونه: يُكلَّفونه، ولا يطيقونه إلا بجهد ومشقة مُضرَّة, فهؤلاء جُعلَت عليهم (الفِدْية) (٦)، فتكون الآية (مُحْكَمة) (٧) في الشيخ والعجوز والحامل والمرضع؛ لأنهم يكلَّفون الصيام ولا يطيقونه إلا بمشقة (٨).

وهذا المعنى في تفسيرها، قد جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - حيث قال: «كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا, والحبلى والمرضع إذا خافتا» (٩).


(١) المدونة ١/ ٢٧٨، الكافي ١/ ١٤٠، القوانين الفقهية ص ٨٤، شرح الخرشي ٢/ ٢٦١.
(٢) الحاوي الكبير ٣/ ٤٣٧، المهذب ١/ ٣٢٨، المجموع ٦/ ٢٦٧.
(٣) ينظر: مسند الشافعي ترتيب السندي ١/ ٢٧٨.
(٤) ينظر: بداية المجتهد ٢/ ٦٣.
(٥) سورة البقرة: آية: ١٨٤.
(٦) الفِدْية والفِداء: البَدَل الذي يتخلص به المكلف عن مكروه توجه إليه. وقيل: ما يقي الإنسان به نفسه من مال يبذله في عبادة يُقَصِّر فيها ككفارة اليمين وكفارة الصوم. ينظر: التعريفات للجرجاني ص ١٦٥، تاج العروس ٣٩/ ٢٢٣.
(٧) المُحْكم، في اللغة: أي: متقن مأمون الانتقاض، اصطلاحا: هو اللفظ الذي ظهر منه المراد؛ ولم يحتمل النسخ ولا التبديل. ينظر: التعريفات للجرجاني ص ٢٠٦، أصول الفقه الذي لا يسع جهله ص ٤٠٢.
(٨) ينظر: الاستذكار ٣/ ٣٦٤.
(٩) رواه أبو داود ٢/ ٢٩٦ رقم ٢٣١٨, في الصوم, باب من قال هي مثبتة للشيخ والحبلى, وقال: "يعني على أولادهما أفطرتا وأطعمتا", وقال الألباني في الإرواء ٤/ ٦٤ رقم ٩٢٩: "شاذ بهذا السياق".

<<  <   >  >>