للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء عنه أيضا في أنها مُحكمة غير منسوخة قوله: «أُثبِتت للحُبْلى والمُرضِع» (١).

فإذا تقرر هذا فلا يمكن إيجاب القضاء مع الفدية؛ لأن الله تعالى سمى هذا الطعام فدية والفدية: ما قام مقام الشيء وأجزأ عنه، فغير جائز على هذا الوضع اجتماع القضاء والفدية؛ لأن القضاء إذا وجب فقد قام مقام المتروك، فلا يكون الإطعام فدية، وإن كان فدية صحيحة فلا قضاء؛ لأن الفدية قد أجزأت عنه وقامت مقامه (٢).

الدليل الثاني: عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه سئل عن المرأة الحامل، إذا خافت على ولدها، قال: «تُفطِر، وتُطعِم مكان كل يوم مسكينا مُدّا من حنطة بمُدّ النبي - صلى الله عليه وسلم -» (٣).

الدليل الثالث: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «إذا خافت الحامل على نفسها، والمرضع على ولدها في رمضان، قال: يفطران ويطعمان مكان كل يوم مسكينا، ولا يقضيان صوما» (٤).

الدليل الرابع: وعنه أنه قال (لأمّ ولد) (٥) له حبلى أو ترضع: «أنت من الذين لا يطيقون الصيام، عليكِ الجزاء وليس عليكِ القضاء» (٦).

وجه الاستدلال: أن هذين الصحابيين الجليلين لم يريا على الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما غير الفدية, ولم يريا عليهما القضاء ولا مخالف لهما من الصحابة (٧).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنهما تفطران وتقضيان ولا فدية عليهما.

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٨).


(١) رواه أبو داود ٢/ ٢٩٦ رقم ٢٣١٧, في الصوم, باب من قال هي مثبتة للشيخ والحبلى, وقال الألباني في صحيح أبي داود ٧/ ٨٤ رقم ٢٠٠٧: "صحيح".
(٢) ينظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ٢٢٥.
(٣) رواه الشافعي في مسنده ترتيب السندي ١/ ٢٧٨، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٣٨٩ رقم ٨٠٧٩, في الصيام, باب الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وتصدقتا عن كل يوم بمد حنطة ثم قضتا, وهو في موطأ مالك بلاغا ٣/ ٤٤٢ رقم ١٠٨٩, فدية من أفطر في رمضان من علة.
(٤) رواه الطبري في تفسيره ٣/ ٤٢٧ رقم ٢٧٥٨, وقال الألباني في الإرواء ٤/ ١٩: "إسناده صحيح على شرط مسلم".
(٥) أم الولد: هي الأَمَة بعد أن تَلِد من سيِّدها تسمى أم ولد. ينظر: التعريفات الفقهية ص ٢٧.
(٦) رواه الدارقطني ٣/ ١٩٦ رقم ٢٣٨٢, وقال: "إسناد صحيح".
(٧) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٢٤٩.
(٨) سورة البقرة: آية: ١٨٤.

<<  <   >  >>