للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: معنى الآية أن المسافر والمريض إذا أفطرا يلزمهما الصوم بقدر ما فاتهما, ولا ذِكْر للفدية في هذه الآية، والحامل والمرضع أُعطيا حكم المريض؛ فيلزمهما القضاء فقط (١).

الدليل الثاني: حديث أنس بن مالك الكعبي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله عز وجل وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم أو الصيام» (٢).

وجه الاستدلال: أن إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأن وضع الصوم عن الحامل والمرضع هو كوضعه عن المسافر؛ لأنه عطفهما عليه من غير استئناف، فثبت بذلك أن حكم وضع الصوم عن الحامل والمرضع هو في حكم وضعه عن المسافر لا فرق بينهما. ومعلوم أن وضع الصوم عن المسافر إنما هو على جهة إيجاب قضائه بالإفطار من غير فدية، فوجب أن يكون ذلك حكم الحامل والمرضع. كما أن في الحديث دليلا على أنه لا فرق بين الحامل والمرضع؛ إذ لم يفرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما في الحكم (٣).

الدليل الثالث: ولأن الحامل والمرضع يرجى لهما القضاء، وإنما أبيح لهما الإفطار لعذر موجود بهما مع إمكان القضاء؛ فوجب أن تكونا كالمريض والمسافر (٤).

أدلة القول الثالث: القائلين بأنهما تفطران وتقضيان وتفديان.

أدلة إيجابهم الفدية: الدليل الأول: قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (٥).

وجه الاستدلال: أن الحامل والمرضع ممن يطيق الصيام، فوجب بظاهر هذه الآية أن تلزمهما الفدية (٦).

الدليل الثاني: الأثر الوارد عن ابن عباس رضي الله عنه في هذه الآية: «كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا والحبلى والمرضع إذا خافتا» (٧).


(١) ينظر: تحفة الأحوذي ٣/ ٣٣١.
(٢) سبق تخريجه صفحة (٢٠١).
(٣) ينظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ٢٢٤.
(٤) ينظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ٢٢٤, والمنتقى للباجي ٢/ ٧١.
(٥) سورة البقرة: آية: ١٨٤.
(٦) ينظر: الحاوي الكبير ٣/ ٤٣٧.
(٧) سبق تخريجه صفحة (٥٧٨).

<<  <   >  >>