للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال به: أبو ثور (١) , وهو اختيار الشيخ -رحمه الله- (٢).

سبب الخلاف: يرجع سبب خلاف الفقهاء في هذه المسألة -والله أعلم- إلى ثلاثة أسباب:

السبب الأول: تعارض ظواهر النصوص، أي: النصوص الدالة على جواز الصيام عن الميت، مع النصوص الدالة على عدم الجواز على ما سيأتي في الأدلة إن شاء الله.

السبب الثاني: أن الصحابة الذين رووا الأحاديث التي تدل على جواز الصيام عن الميت، قد روي عنهم الإفتاء بخلاف ذلك؛ كابن عباس - رضي الله عنهما -، وأم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، كما سيتبين إن شاء الله.

السبب الثالث: معارضة القياس للأثر؛ فالقياس يقتضي ألا يصوم أحد عن أحد كالصلاة، وجاءت أحاديث تدل على جواز الصيام عن الميت، فمن أخذ بالقياس منع، ومن أخذ بالنصوص أجاز ذلك (٣).

أدلة القول الأول: القائلين بأنه لا يشرع لأولياء الميت قضاء ما عليه من صوم واجب، بل يطعمون عنه.

الدليل الأول: عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (٤).

وجه الاستدلال: معنى الحديث أن يفعل عنه وليه ما يقوم مقام الصيام وهو الإطعام، وقد جاء مثل ذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الصَّعِيد الطَّيِّب (٥) وَضُوء المسلم» (٦)؛ فسمي التراب وهو بدل باسم


(١) التمهيد ٩/ ٢٨، الاستذكار ٣/ ٣٤١، والمحلى ٤/ ٤٢٠، مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٤٦.
(٢) وقد وافق الشيخ الظاهرية في وجوب القضاء.
(٣) ينظر: بداية المجتهد ٢/ ٦٢.
(٤) أخرجه البخاري ٣/ ٣٥ رقم ١٩٥٢، في الصوم, باب من مات وعليه صوم، ومسلم ٢/ ٨٠٣ رقم ١١٤٧، في الصيام, باب قضاء الصيام عن الميت.
(٥) الصَّعِيد الطَّيِّب: هو التراب الطاهر. ينظر: مجمع بحار الأنوار ٣/ ٣٢١.
(٦) رواه أبو داود ١/ ٩٠ رقم ٣٣٢، في الطهارة باب الجنب يتيمم, والترمذي ١/ ٢١١ رقم ١٢٤، في الطهارة باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، وقال: "حسن صحيح", والنسائي ١/ ١٧١ رقم ٣٢٢، في الطهارة باب الصلوات بتيمم واحد، وأحمد ٣٥/ ٤٤٤٨ رقم ٢١٥٦٨، من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - , وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم ٣٥٨.

<<  <   >  >>