للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: في قوله: «وعليه صيام» نكرة في سياق الشرط، فيعُمّ كلّ صيام (١)، من صوم رمضان، أو صوم نذر، أو صوم كفارة، أو غير ذلك (٢).

الدليل الثاني: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ فقال: «لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها»؟ قال: نعم. قال: «فدين الله أحق أن يقضى» (٣).

وجه الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر هذا الحكم غير مقيد، بعد سؤال السائل مطلقا عن واقعة يحتمل أن يكون وجوب الصوم فيها عن نذر, ويحتمل أن يكون عن غيره؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أجاب بلفظ غير مقيد عن سؤال وقع عن صورة محتملة أن يكون الحكم فيها مختلفا, فيتعين أن يكون الحكم شاملا للصور كلها, وهو ما يعبر عنه في أصول الفقه بقولهم: ترك الاستفصال عن قضايا الأحوال، مع قيام الاحتمال منزل منزلة العموم في المقال.

الوجه الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علّل قضاء الصوم بعلة عامة للنذر وغيره، وهو كونه عليها, وقاسه على الدين, وهذه العلة -كونها حقا واجبا- لا تختص بالنذر، والحكم يعم بعموم علته (٤).

الدليل الثالث: عن بُرَيْدة - رضي الله عنه - قال: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم أفأصوم عنها؟ , قال: «نعم» (٥).

وجه الاستدلال: أن قول المرأة في الحديث: (وعليها صوم) مطلق يشمل جميع ما وجب عليها من صيام: كرمضان، والنذر، وغير ذلك (٦).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه يقضى عنه النذر فقط ويطعم عنه في ما سواه.

يستدل أصحاب هذا القول على مذهبهم من جهتين:


(١) تنظر القاعدة الأصولية في: التمهيد في تخريج الفروع على الأصول للأسنوي ص: ٣٢٤، والتحبير شرح التحرير للمرداوي ٥/ ٢٤٣٥.
(٢) ينظر: نيل الأوطار ٤/ ٢٧٩، سبل السلام ١/ ٥٨٠، التمهيد ٩/ ٢٨.
(٣) سبق تخريجه صفحة (٥٨٩).
(٤) يُنظر الوجهان في إحكام الأحكام ٢/ ٢٥.
(٥) سبق تخريجه صفحة (٥٨٩).
(٦) ينظر: حاشية السندي على ابن ماجه ١/ ٥٣٥، والمحلى ٤/ ٤٢١.

<<  <   >  >>