للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجهة الأولى: أدلتهم على أن أولياء الميت لا يُشرَع لهم صيام القضاء والكفارات عن ميتهم، وإنما يُطعِمون عنه. وهي نفسها أدلة القائلين بأنه لا يشرع صيام الأولياء عن ميتهم مطلقا وإنما يُطعم عنه وقد تقدّمَت في المسألة السابقة.

الجهة الثانية: أدلتهم على جواز صيام النذر عن الميت وهي كالتالي:

الدليل الأول: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ قال: «أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته، أكان يؤدي ذلك عنها» قالت: نعم؛ قال: «فصومي عن أمك» (١).

وجه الاستدلال: أن الحديث جاء نصا صريحا في قضاء صوم النذر عن الميت، فيجب المصير إليه. ويحمل ما جاء مطلقا في الروايات الأخرى على ما جاء مفسرا في هذه الرواية.

الدليل الثاني: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «إذا مرض الرجل في رمضان، ثم مات ولم يصم أُطعِم عنه، ولم يكن عليه قضاء، وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه» (٢).

وجه الاستدلال: أن تفصيل ابن عباس - رضي الله عنهما - بأن الإطعام عن الميت يكون في قضاء رمضان، والصيام عنه يكون في النذر، دليل على أن المقصود من الحديث المرفوع صيام النذر عن الميت دون غيره من الواجبات؛ لأن ابن عباس - رضي الله عنهما - هو راوي الحديث وهو أعلم بتأويله (٣).

الدليل الثالث: ولأن حديث عائشة - رضي الله عنها - مطلق وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - مقيد فيحمل عليه، ويكون المراد بالصيام صيام النذر (٤).

الدليل الرابع: ولأن النيابة تدخل في العبادة بحسب خفتها، والنذر أخف حكما؛ لكونه لم يجب بأصل الشرع، وإنما أوجبه الناذر على نفسه، ولهذا جازت النيابة في النذر دون غيره (٥).


(١) أخرجه البخاري ٤/ ٢٢٧ رقم ١٩٥٣، في الصوم باب من مات وعليه صوم, ومسلم ٢/ ٨٠٤ رقم ١١٤٨, في الصيام باب قضاء الصيام عن الميت، واللفظ له.
(٢) أخرجه أبو داود ٢/ ٣١٥ رقم ٢٤٠١، في الصوم باب فيمن مات وعليه صيام, وابن أبي شيبة في المصنف ٣/ ١١٣ رقم ١٢٥٩٨, في الأيمان والنذور باب: من مات وعليه نذر، وقال الألباني في صحيح أبي داود ٧/ ١٦٣ رقم ٢٠٧٨: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".
(٣) ينظر: الفروع ٥/ ٦٦، التمهيد ٩/ ٢٨، وشرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٣٦٥.
(٤) ينظر: شرح الزركشي ٢/ ٦٠٨، نيل الأوطار ٤/ ٢٨٠.
(٥) ينظر: المغني ٣/ ١٥٣.

<<  <   >  >>