للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح: الذي يترجح في هذه المسألة -والله أعلم- هو القول الأول: أن من مات قبل إمكان التدارك فليس عليه ولا على أوليائه شيء؛ لصحة أدلته ولوضوحها ولدلالتها على المطلوب.

ولأن تكليف ما لا يطيقه العبد الطاقة المعروفة غير واقع في الشرائع, فالتكليف في العبادة لا بد فيه من القدرة في الحال والمآل, وأما مع انتفائهما فمحال (١).

وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنهبما يلي:

أولا: أما قولهم: إنه صوم واجب سقط بالعجز عنه، فوجب الإطعام عنه؛ كالشيخ الكبير إذا ترك الصيام لعجزه عنه، فيجاب عنه:

بأنه قياس مع الفارق؛ فإن الشيخ الكبير حيٌّ مِن أهل التكليف، وقد تَوجَّه إليه الإطعام ابتداءً عوضا عن الصوم؛ لمّا لم يَقدِر عليه، فذِمَّتُه مشغولة به، بخلاف الميت، فإنه لا يصح ابتداء الوجوب عليه (٢).

ثانيا: وأما قولهم: قياسا على المريض الذي لا يرجى برؤه، فإنه يطعم والميت الذي لم يمكنه التدارك في معناه، فيجاب عنه:

أن المريض الميئوس منه قد عزم على الفطر في الحال والمآل, ولهذا لم يجب الصوم في ذمته, ولا يجب عليه القضاء البتة, ولا بد من البدل, وهو الفدية. وأما المريض المَرجوّ برؤه، والمسافر، والحائض، -ممن فَجَأَهم الموت قبل التدارك- فقد كانوا قد عزموا على القضاء بشرط القدرة, فلا يُجمَع عليهم واجبان على سبيل البدل (٣). والله أعلم.


(١) ينظر: المصدر السابق.
(٢) ينظر: المغني ٣/ ١٥٢، الشرح الكبير على المقنع ٣/ ٨٢.
(٣) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ٣٦٣.

<<  <   >  >>