للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل السابع: وعنه أيضا - رضي الله عنهم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتاكم رمضان, شهر مبارك فَرَض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلّ (١) فيه مَرَدَة (٢) الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِم خيرها فقد حُرِم» (٣).

وجه الاستدلال من الأحاديث: أن الأحاديث جاءت مُصرِّحة باسم رمضان مطلقا دون إضافة كلمة شهر، مما يدل على أن رمضان اسم للشهر نفسه وليس اسما لله عز وجل (٤).

قال القاضي عياض (٥): "فيه حجة على جواز قول مثل هذا دون ذِكر الشهر، خلافا لمن كرهه، وروي أثر في النهي عن ذلك، وأن رمضان اسم من أسماء الله وهو أثر لا يصح" (٦).

الدليل الثامن: ولأن الكراهة إنما تَثبُت بنَهي الشرع، ولم يَثبُت نهي في تسميته برمضان دون إضافة لفظ شهر (٧).

الدليل التاسع: ولأن قولهم: إن (رمضان) من أسماء الله سبحانه وتعالى ليس بصحيح، ولم يصح فيه شيء، وأسماء الله تعالى توقيفية لا تُطلَق إلا بدليل صحيح (٨).

أدلة القول الثالث: القائلين بالتفصيل: جواز قول رمضان دون لفظة الشهر، إذا كانت هناك قرينة تدُل على أنه الشهر كصمنا رمضان، والكراهة إذا لم تكن هناك قرينة تدل على أنه الشهر كجاء رمضان.


(١) الغُلّ: واحد الأغلال. يقال في رقبته غُلّ من حديد. وقد غُلّ فهو مَغلول، أي جعل في أيدي المَرَدَة وأعناقهم الغُلَّ، وهو القيد المختص بهما. ينظر: الصحاح ٥/ ١٧٨٣، والنهاية ٣/ ٣٨١.
(٢) المَارِد: هو العاتي الشديد، المتجرد من الخير. ينظر: النهاية ٤/ ٣١٥، ومقاييس اللغة ٥/ ٣١٧.
(٣) رواه النسائي ٤/ ١٢٩ رقم ٢١٠٦، كتاب الصيام, باب فضل شهر رمضان، واللفظ له, وأحمد ١٢/ ٥٩ رقم ٧١٤٨, وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ١/ ٥٨٥ رقم ٩٩٨: "صحيح لغيره".
(٤) ينظر: المسالك في شرح موطأ مالك ٢/ ٤٧٤، ومرقاة المفاتيح ١/ ٦٨.
(٥) هو: عِياض بن موسى بن عياض اليحْصُبي السبتي، أبو الفضل الأندلسي، أحد عظماء المالكية, كان إماما حافظا محدثا فقيها, توفي سنة ٥٤٤ هـ, من تصانيفه: التنبيهات المستنبطة في شرح مشكلات المدونة في الفقه، والشفا في حقوق المصطفى؛ وإكمال المعلم في شرح صحيح مسلم. ينظر: الديباج المذهب ٢/ ٤٦, شجرة النور الزكية ١/ ٢٠٥, سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٢١٢.
(٦) إكمال المعلم ٤/ ٥.
(٧) ينظر: المجموع للنووي ٦/ ٢٤٨.
(٨) ينظر: المصدر السابق.

<<  <   >  >>