للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الأول: أن الحديث ضعيف بالاتفاق (١).

الوجه الثاني: وعلى التسليم بصحته فيكون معناه: لا اعتكاف كاملا أو فاضلا إلا بصوم (٢).

قال ابن قدامة: "ولو صح فالمراد به الاستحباب، فإن الصوم فيه أفضل" (٣).

ثالثا: وأما استدلالهم بحديث: «السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا، ولا يشهد جنازة» الحديث، فيجاب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أن قوله: «السنة في المعتكف ... » مُدْرَج في الحديث، ليس هو من كلام عائشة - رضي الله عنها -، والصواب أنه ممن دونها (٤).

قال ابن عبد البر: "لم يقُل أحد في حديث عائشة هذا «السُنَّة» إلا عبد الرحمن بن إسحاق (٥)، ولا يصح الكلام عندهم إلا من قول الزُهري، وبعضه من كلام عُروة" (٦).

فإذا تقرر هذا فيكون معنى كلام الزُهري: «السُنَّة» أي: السُنَّة في اعتقادِهِ؛ كما يقول الفقيه: حكم الله في هذه المسألة كذا وكذا, والسُنَّة أن يفعل كذا, وحكم الشريعة كذا؛ يعني به: فيما عَلِمتُه وأَدرَكتُه (٧).

الوجه الثاني: أن غاية هذا الأثر الدلالة على استحباب الصوم في الاعتكاف؛ فإن قولها - رضي الله عنها -: «السُنَّة» إنما يفيد الاستحباب. وقولها: «لا اعتكاف إلا بصوم»: نفي للكمال (٨).


(١) ينظر: المجموع ٦/ ٤٨٨، والحاوي الكبير ٣/ ٤٨٧.
(٢) ينظر: شرح المشكاة للطيبي ٥/ ١٦٣٢، والتنوير شرح الجامع الصغير ١١/ ٧١، والحاوي الكبير ٣/ ٤٨٧، وكفاية النبيه ٦/ ٤٣٠.
(٣) المغني ٣/ ١٨٨، وينظر: المجموع ٦/ ٤٨٨.
(٤) ينظر: التوضيح لابن الملقن ١٣/ ٦٣٥، وفتح الباري ٤/ ٢٧٣.
(٥) هو: عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث القرشي العامري المدني, نزيل البصرة، ويقال له: عباد بن إسحاق, من الذين عاصروا صغار التابعين, قال أبو داود: قدري ثقة, وقال البخاري: ليس ممن يعتمد على حفظه. ينظر: تهذيب الكمال ١٦/ ٥١٩, تهذيب التهذيب ٦/ ١٣٩.
(٦) الاستذكار ٣/ ٣٨٩، والتمهيد ٨/ ٣٣٠، وينظر: معالم السنن ٢/ ١٤١، شرح المشكاة للطيبي ٥/ ١٦٣٢.
(٧) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ٢/ ٧٦٢.
(٨) حاشية ابن القيم على سنن أبي داوود ٧/ ١٠٨, شرح الزركشي ٣/ ٦.

<<  <   >  >>