للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الخامس: عن ابن عباس - رضي الله عنهما -؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه» (١).

الدليل السادس: قال علي وابن مسعود - رضي الله عنهما -: «المعتكف ليس عليه صوم إلا أن يشترط ذلك على نفسه» (٢).

الراجح: الذي يترجح في هذه المسألة -والله أعلم- هو القول الثاني: أنه يصح الاعتكاف بغير صوم؛ لحديث: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتكف عشرا من شوال»؛ ولحديث عمر - رضي الله عنه - أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: «أوف بنذرك»؛ ولأنه ليس في اشتراط الصوم كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح, والحكم إنما يثبت بواحدة من هذه الجهات؛ بخلاف نفي الاشتراط؛ فإنه ثابت بالنفي الأصلي وعدم الدليل الدال على الإيجاب (٣).

وأما ما استدل به أصحاب القول الأول فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} , فيجاب عنه بما قاله ابن العربي:

فقال: "وهذا لا حجة فيه؛ لأنه خطاب خرج عن حالٍ، فلا يلزم أن يكون شرطا في جميع الأحوال" (٤).

وقال أيضا: "أما اشتراط الصوم فيه -بخطابه تعالى لمن صام-، فلا يلزم بظاهره ولا باطنه؛ لأنها حال واقِعة لا مشترِطة" (٥).

ثانيا: وأما استدلالهم بحديث: «لا اعتكاف إلا بصيام»، فيجاب عنه من وجهين:


(١) رواه الدارقطني في السنن ٣/ ١٨٣ رقم ٢٣٥٥، في الصيام, باب الاعتكاف، والحاكم ١/ ٦٠٥ رقم ١٦٠٣، والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٥٢٣ رقم ٨٥٨٧ كتاب الصيام، باب من رأى الاعتكاف بغير صوم, وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة ٩/ ٣٦٦ رقم ٤٣٧٨.
(٢) رواه ابن أبي شيبة ٢/ ٣٣٤ رقم ٩٦٢٤, في الصيام باب من قال لا اعتكاف إلا بصوم.
(٣) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ٢/ ٧٦١.
(٤) القبس ١/ ٥٣١.
(٥) أحكام القرآن ١/ ١٣٥.

<<  <   >  >>