للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال من الحديث: في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يخرج من معتكفه إلا لحاجة الإنسان؛ والخروج لعيادة المريض وشهود الجنائز ليس من ذلك.

قال ابن دقيق العيد: "كل ما ذكره الفقهاء - أنه لا يخرج إليه، أو اختلفوا في جواز الخروج إليه - فهذا الحديث يدل على عدم الخروج إليه؛ لعُمومه. فإذا ضُمَّ إلى ذلك قرينة الحاجة إلى الخروج لكثير منه، أو قيام الداعي الشرعي في بعضه، كعيادة المريض، وصلاة الجنازة، وشبهه، قويت الدلالة على المنع" (١).

الدليل الثاني: عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: إن كنت لَأدخل البيت للحاجة، والمريضُ فيه، فما أسأل عنه إلا وأنا مارّة، «وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليُدخِل عليَّ رأسه وهو في المسجد فأُرَجِّله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة، إذا كان معتكفا» (٢).

الدليل الثالث: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمر بالمريض وهو معتكف، فيمر كما هو ولا يُعَرِّج (٣) يسأل عنه» (٤).

وجه الاستدلال: في الحديثين جواز عيادة المريض على وجه المرور، من غير تعريج، فيفهم منه عدم عيادته على غير هذا الوجه (٥).

قال القاضي عياض: "المعتكِف لا يدخل البيت إلا لضرورة حاجة الإنسان، وأنه لا يعود مريضا ولا يشتغل بغير ما هو فيه، وأن سؤاله عن المريض، والتسليم على الناس، ومُكالمتِهم، وشبه هذا -في مسيره إلى حاجته- لا يضره" (٦).


(١) إحكام الأحكام ٢/ ٤٣.
(٢) رواه مسلم ١/ ٢٤٤ رقم ٢٩٧, كتاب الحيض باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وطهارة سؤرها والاتكاء في حجرها وقراءة القرآن فيه.
(٣) لا يُعَرِّج: أي لا يُقِيم ولا يحْتَبِس. ينظر: النهاية ٣/ ٢٠٣، تاج العروس ٦/ ٩٤.
(٤) رواه أبو داود ٢/ ٣٣٣ رقم ٢٤٧٢, في الصوم, باب المعتكف يعود المريض, وعنه البيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٥٢٦ رقم ٨٥٩٥, في الصيام, باب المعتكف يخرج من المسجد لبول أو غائط ثم لا يسأل عن المريض إلا مارا. وقال الألباني في ضعيف أبي داود ٢/ ٢٩٢: "وهذا إسناد ضعيف".
(٥) ينظر: إحكام الأحكام ٢/ ٤٣.
(٦) إكمال المعلم ٢/ ١٣٠.

<<  <   >  >>