للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله سبحانه وتعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (١).

وقوله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (٢).

وجه الاستدلال من الآيات: في هذه الآيات دليل على أن الأعمال الصالحة لا تنفع إلا مع الإيمان بالله؛ لأن الكفر سيئة لا تنفع معها حسنة (٣).

والنَذر من الأعمال الصالحة التي يُبتَغى بها وجه الله والدار الآخرة، والكافر ليس من الذين يبتغون بعملهم ذلك، فكان وجودُه منه كعدمه.

الدليل الثاني: عن عائشة - رضي الله عنها -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه» (٤).

الدليل الثالث: عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا نَذرَ إلا فيما ابتُغِي به وجه الله عز وجل» (٥).

وفي رواية: «إنما النذر ما ابتُغِيَ به وجه الله عز وجل» (٦).

وجه الاستدلال من الحديثين: من المعلوم أن النذور إنما تجب إذا كانت مما يُتقَرَّب به إلى الله سبحانه وتعالى , ولا تجب إذا كانت معاصي لله عز وجل. والكافر إذا قال: لله علي اعتكاف, ثم أوفى بنذره بعد إسلامه، لم يكن به متقربا إلى الله؛ لأنه في الوقت الذي أوجبه فيه على نفسه إنما قَصَد به أن يَنذُر لربه الذي يَعبده من دون الله. ولا شكّ أن ذلك معصية. فدخل ذلك في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما النذر ما ابتُغِي به وجه الله عز وجل» (٧).


(١) سورة الفرقان: آية: ٢٣.
(٢) سورة الإسراء: آية: ١٩.
(٣) ينظر: أضواء البيان ٣/ ٨١.
(٤) رواه البخاري ٨/ ١٤٢ رقم ٦٦٩٦, في الأيمان والنذور, باب النذر في الطاعة.
(٥) رواه أحمد ١١/ ٣٤٤ رقم ٦٧٣٢، واللفظ له, وأبو داود ٣/ ٢٢٨ رقم ٣٢٧٣, كتاب الأيمان والنذور, باب اليمين في قطيعة الرحم, وقال الألباني في صحيح أبي داود ٦/ ٣٩٥: "حسن".
(٦) رواه أحمد ١١/ ٣٢٤ رقم ٦٧١٤, والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ١١٥ رقم ٢٠٠٤٩, كتاب الأيمان, باب من جعل شيئا من ماله صدقة, وقال الألباني في السلسلة الصحيحة ٦/ ٨٥٧ رقم ٢٨٥٩: "وهذا سند حسن".
(٧) ينظر: شرح معاني الآثار ٣/ ١٣٤.

<<  <   >  >>