للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن ثُمَامة بن أَثَال (١) - رضي الله عنه -، قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليّ، والله ما كان من دين أبغض إليّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إليّ، والله ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إليّ، وإن خَيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ . «فَبَشَّرَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأَمَره أن يعتمر» (٢).

وجه الاستدلال: في الحديث أن القُرَب التي التزمها الإنسان حال كفره يصح له فعلها إذا أسلم، فهذا ثمامة ¢ كان حال كفره مريدا للعمرة، وبعد أن أسلم أمره النبي بإتمام نيته، ولم يخبره بأن ما كان التزمه حال كفره باطل (٣).

الدليل الثالث: عن حَكيم بن حِزام (٤) - رضي الله عنه -، قال: قلت: يا رسول الله، أرأيتَ أشياء كنت أَتَحَنَّث (٥) بها في الجاهلية من صدقة، أو عتاقة، وصِلَة رحم، فهل فيها من أجر؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أسلمتَ على ما سَلَف من خير» (٦).


(١) هو: ثُمامة بن أَثال بن سلمان بن وائل بن سلمان بن ربيعة. صحابي جليل، أحد أشراف قبيلة بني حنيفة, وسيد أهل اليمامة. أسلم بعد العام السابع من الهجرة. توفي بعد حروب الردة في البحرين. حيث قتل وهو في طريق العودة إلى اليمامة. ينظر: الاستيعاب ١/ ٢١٣, أسد الغابة ١/ ٢٩٤، وسير أعلام النبلاء ٢/ ١٤.
(٢) رواه البخاري ٥/ ١٧٠ رقم ٤٣٧٢, في المغازي باب وفد بني حنيفة، وحديث ثمامة بن أثال, ومسلم ٣/ ١٣٨٦ رقم ١٧٦٤, في الجهاد والسير باب ربط الأسير وحبسه، وجواز المن عليه.
(٣) ينظر المحلى ٦/ ٢٧٥.
(٤) هو: حَكيم بن حِزام بن خويلد بن أسد القرشي، ابن أخي خديجة بنت خويلد. صحابي، أسلم عام الفتح، وكان من أشراف قريش ووجوهها في الجاهلية والإسلام، توفي سنة ٥٤ هـ، وهو ابن مائة وعشرين سنة. ينظر: الاستيعاب ١/ ٣٦٢، الإصابة ٢/ ٩٧.
(٥) التحنَّث: التَّعبد، ومعناه: يفعل فعلا يخرج به من الإثم والحرج. ينظر: النهاية ١/ ٤٤٩، تاج العروس ٥/ ٢٢٥.
(٦) رواه البخاري ٢/ ١١٤ رقم ١٤٣٦, كتاب الزكاة, باب من تصدق في الشرك ثم أسلم, ومسلم ١/ ١١٣ رقم ١٢٣, كتاب الإيمان, باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده.

<<  <   >  >>