للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: اختلاف ظواهر النصوص: فحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - أفاد أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل معتكفه ليلة الحادي والعشرين، وحديث عائشة - رضي الله عنها - يُفهم منه أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل معتكفه بعد صلاة الفجر.

أدلة القول الأول: القائلين بأنه يدخل إلى معتكَفه قبل غروب شمس يوم العشرين (ليلة الحادي والعشرين).

الدليل الأول: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، قال: اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر الأول من رمضان واعتكفنا معه، فأتاه جبريل، فقال: إن الذي تطلب أمامك، فاعتكف العشر الأوسط، فاعتكفنا معه, فأتاه جبريل فقال: إن الذي تطلب أمامك، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيبا صبيحة عشرين من رمضان فقال: «من كان اعتكف مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فليرجع، فإني أريت ليلة القدر، وإني نسيتها، وإنها في العشر الأواخر، في وتر» (١).

وفي رواية: اعتكفنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشر الأوسط، فلما كان صبيحة عشرين نقلنا متاعنا, فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «من كان اعتكف معي فليرجع إلى معتكفه، فإني رأيت هذه الليلة، ورأيتني أسجد في ماء وطين». فلما رجع إلى معتكفه، قال: وهاجت السماء فمطرنا، فو الذي بعثه بالحق لقد هاجت السماء من آخر ذلك اليوم، وكان المسجد عريشا، فلقد رأيت على أنفه وأرنبته أثر الماء والطين (٢).

وفي رواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر» (٣).

وفي رواية: «وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر» (٤).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بين في هذا الحديث أن من اعتكف العشر الأواخر؛ فإنه يعتكف ليلة إحدى وعشرين (٥)؛ لأن العشر اسم لليالي مع الأيام، ولا يكون معتكفا جميع العشر إلا باعتكاف أول ليلة منه وهي ليلة الحادي والعشرين.


(١) سبق تخريجه صفحة (٦٢٤).
(٢) رواه البخاري ٣/ ٥٠ رقم ٢٠٤٠، كتاب الاعتكاف, باب من خرج من اعتكافه عند الصبح.
(٣) رواه البخاري ٣/ ٤٨ رقم ٢٠٢٧، كتاب الاعتكاف, باب الاعتكاف في العشر الأواخر.
(٤) رواه مسلم ٢/ ٨٢٥ رقم ١١٦٧, كتاب الصيام, باب فضل ليلة القدر، والحث على طلبها ...
(٥) ينظر شرح العمدة كتاب الصيام ٢/ ٧٧٩.

<<  <   >  >>