للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آلبر أردن بهذا؟ ! ما أنا بمعتكف». فرجع، فلما أفطر اعتكف عشرا من شوال (١).

وجه الاستدلال: في هذا الحديث أن الاعتكاف يلزم إذا نوى المكلف الدخول فيه، فإذا دخل الإنسان ثم قطعه لزمه قضاؤه (٢).

قال الإمام مالك: "والمتطوع في الاعتكاف، والذي عليه الاعتكاف، أمرهما واحد. فيما يحل لهما ويحرم عليهما. ولم يبلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان اعتكافه إلا تطوعا" (٣).

قال الزرقاني -مُعلِّقا على كلام الإمام مالك-: "وقد قضاه لمّا قطعه للعذر؛ فَيُفيد وجوب قضاء الاعتكاف التطوع لمن قطعه بعد الدخول فيه" (٤).

الدليل الثاني: ولأن المعتكِف التزم أداء عبادة، فوجب إتمامها؛ صيانةً للمؤدى عن البُطلان. ومَسَّت الحاجة إلى صيانة المؤدى ههنا؛ لأن القَدْر المؤدى انعقد قُربةً، فيحتاج إلى صيانةٍ، وذلك بالمضي فيه إلى آخر اليوم (٥).

الدليل الثالث: وقياسا على من قطع حج النفل عمدا أو مُكرَها، فإنه يجب عليه قضاؤه؛ فكذا هنا (٦).

الدليل الرابع: ولأنها عبادة لها تعلق بالمسجد، يَحرُم فيها الجِماع ويُبطِلها, فلزِمت بالدخول فيها كالحج (٧).

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه يستحب قضاء الاعتكاف المندوب إذا شرع فيه ثم قطعه.

الدليل الأول: عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة، فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك


(١) رواه البخاري ٣/ ٥١ رقم ٢٠٤٥, في الاعتكاف, باب من أراد أن يعتكف، ثم بدا له أن يخرج, واللفظ له, ومسلم ٢/ ٨٣١ رقم ١١٧٢, في الاعتكاف, باب متى يدخل من أراد الاعتكاف.
(٢) ينظر: الاستذكار ٣/ ٣٩٨، شرح الزرقاني للموطأ ٢/ ٣١٣.
(٣) الموطأ ١١٣٠/ ٣٢٧.
(٤) شرح الموطأ ٢/ ٣١٤.
(٥) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ١١٥، ورد المحتار ٢/ ٤٤٤، والمنتقى للباجي ٢/ ٨٤.
(٦) ينظر: الاستذكار ٣/ ٣٩٨، والمعونة ١/ ٤٩٥.
(٧) ينظر: المعونة ١/ ٤٩٥.

<<  <   >  >>