للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ما استدل به أصحاب القول الأول فيجاب عنه بما يلي:

أولا: أما استدلالهم بقضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في شوال ما تركه من اعتكاف في رمضان، -على وجوب قضاء اعتكاف النفل فيجاب عنه من وجهين:

الأول: أن قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تركه من الاعتكاف في رمضان كان على سبيل الاستحباب؛ لأنه كان - صلى الله عليه وسلم - إذا عمل عملا أثبته, ولو كان القضاء واجبا لاعتكف معه نساؤه أيضا في شوال, ولم ينقل عنهنّ ذلك، ولا أَمَرَهنّ - صلى الله عليه وسلم - به (١).

الثاني: أن ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - للاعتكاف بعد شروعه فيه دليل على عدم وجوبه بالشروع, وبالتالي عدم وجوب قضائه، وذلك لتحريم ترك الواجب؟ ! (٢).

ثانيا: وأما قياسهم الاعتكاف على الحج والعمرة فيجاب عنه من وجهين:

الأول: أن الوصول إلى الحج والعمرة لا يحصل في الغالب إلا بعد كُلْفَة عظيمة، ومشقة شديدة، وإنفاق مال كثير، ففي إبطالهما تضييع لماله، وإبطال لأعماله الكثيرة. وقد نُهينا عن إضاعة المال، وإبطال الأعمال (٣). وليس في ترك الاعتكاف بعد الشروع فيه مال يضيع، ولا عمل يبطل، فإن ما مضى من اعتكافه، لا يبطل بترك اعتكاف المستقبل (٤).

الثاني: أن نُسُك الحج والعمرة يتعلق بالمسجد الحرام على الخصوص، والاعتكاف ليس مخصوصا به (٥). والله أعلم.


(١) ينظر: المغني ٣/ ١٨٧, وعون المعبود ٧/ ٩٩، وتحفة الأحوذي ٣/ ٤٣٤.
(٢) ينظر: المغني ٣/ ١٨٧.
(٣) سورة الإسراءآية ٢٩، وسورة محمد آية: ٣٣.
(٤) ينظر: المغني ٣/ ١٨٧، والشرح الكبير ٣/ ١٢٠.
(٥) ينظر: المغني ٣/ ١٨٧، والشرح الكبير ٣/ ١٢٠.

<<  <   >  >>